لا يكفي الحديث عن مجزرة قطع الرؤوس

د. محمد حسين النظاري

 - 
كلنا سنتحدث عن بشاعة المجزرة التي أقدم عليها أناس نزعت من قلوبهم أدنى مشاعر الإنسانية ضد الجنود الأربعة عشر وهم يستقلون باصا مدنيا وبلباس مدني فتلك ال

كلنا سنتحدث عن بشاعة المجزرة التي أقدم عليها أناس نزعت من قلوبهم أدنى مشاعر الإنسانية ضد الجنود الأربعة عشر وهم يستقلون باصا مدنيا وبلباس مدني فتلك الجريمة النكراء أدمت قلب كل من يملك قلبا.. ولكن ما قيمة ما سنتحدث به طالما وكلنا يشارك في مثل هذه الأعمال الإرهابية بدءا من التربية في المنزل ومرورا بالمدرسة والجامعة وانتهاء بالأصدقاء.. إن ما يحدث اليوم من قتل مروع خارج إطار القانون مرده التقصير في تربية أبنائنا.
إن القتل بدم بارد بتلك المشاهد البشعة التي رأيناها والتي لم تشبه بين ذبح الشياة وسلخها نتاج تفلت أخلاقي وديني يمارس للأسف الشديد باسم الحفاظ على الدين والأخلاق..فقلوب الجناة قد اتسخت وأحاطت بها قذارة سفك الدماء لا لشيء إلا لأن هؤلاء ابتعدوا عن قيم الدين السمح الداعي إلى الرأفة والرحمة والشفقة بالنبات والحيوان فما بالك بالإنسان.
أين نضع هؤلاء القتلة من تلك المرأة التي دخلت النار في هرة فلا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها لتأكل من خشاش الأرض.. لو قارنا فعل تلك المرأة بما فعل الوحوش بجنودنا لجعلناها ملاكا أمامهم.
في حقيقة الأمر سوف يكون لتلك الجريمة وتوثيقها عبر الفيديو أثرا سيئا في نفوس اليمنيين بل وستنقل للعالم بأن من قال فيهم رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه بأنهم أرق قلوبا وألين أفئدة.. لم يعد بعضهم على هذا النهج القويم بل صار يتفوق على أعتى الجبابرة في عالم الإجرام.
ونحن أمام تلك المشاهد الأليمة قارناها بما يحدث في غزة من قبل جنود الاحتلال الصهيوني فما وجدنا أي فرق.. سوى في طريقة القتل البشعة بل الأنكى والأشد إيلاما أن يدعي مجرمونا أنهم مسلمون.. وفي حقيقة الأمر هم يتقمصون الدين الحنيف بنفس الطريقة التي تقمصوا فيما الزي العسكري اليمني في حادث مستشفى العرضي ليأمن لهم ضحاياهم في مشهد ينم على الغدر والجبن والدناءة وهو نفسه ما حصل في حادثة جز رؤوس الجنود.
أراد القتلة خلط الأوراق بحيث لا يأمن أي جندي في المستقبل على حياته فيفر من واجبه في حماية الوطن والمواطنين وإذا لم تلق الدولة القبض على الجناة فسوف تنتشرت هذه الثقافة وحينها لن يبقى أي جندي يقوم بواجبه.. لهذا ينبغي علينا أن نكتفي عن الحديث فقط ونقل الصور البشعة فيما بيننا علينا أن نساهم في بناء جيل يتسلح بحب الوطن وحب إخوانه جيل يعلم أن حب الوطن من الإيمان وأن قتل النفس محرم.. فالشباب أمانة في أعناق الأسرة والمعلم والخطيب والفقيه …إلخ.
إن تشجيع الأسرة لأبنائها على انتهاج أسلوب الفوضى وترويع الآخرين باسم المظاهرات السلمية وتركهم عجينة سهلة لدى مرضى النفوس في الشوارع يساهم في تنشئة جيل بعيد عن قيم التسامح جيل سهل على المجرمين ترويضه وجعله قنابل موقوتة لتفجير أي شئ حتى أسرته.
ما نريده أن تكون الحكومة شجاعة وأن تطارد الجناة وتقدمهم للعدالة ليأخذوا جزاءهم الرادع وفق الشرع والقانون وألا تترك المجال لأحد لكي يتستر عليهم وهذه الحادثة هي المحك الرئيسي لتبقى الحكومة حية في قلوب المواطنين ولكي يعود للجندي اليمني هيبته ورباطة جأشه.
إن طي صفحة هذه الجريمة مثل جريمة العرضي وتقييدها ضد مجهول هو إقرار بضعف الاجهزة الامنية التي عليها أن تقوم بواجبها خاصة في الكشف عن الذين ابلغوا عن وجود الجنود في الحافلة.. نسأل الله العلي القدير أن يرحم شهداءنا وأن يحفظ بلدنا من أصحاب الأفكار الضالة وأن يهديهم رشدهم وأن يوفق الأجهزة الأمنية للتصدي لمن ما زال مصرا منهم على ضلاله.

نائب عميد كلية التربية والعلوم بجامعة البيضاء

قد يعجبك ايضا