رفع المشتقات النفطية .. ضرورة اقتصادية ملحة

د/عبد الله الفضلي

 - 
أقدمت حكومة الوفاق اليمنية عقب عيد الفطر المبارك على اتخاذ قرار رفع الدعم الحكومي عن البنزين ومشتقاته المختلفة حيث كان القرار مجمدا منذ فترة زمنية غير قصيرة وكانت ا

أقدمت حكومة الوفاق اليمنية عقب عيد الفطر المبارك على اتخاذ قرار رفع الدعم الحكومي عن البنزين ومشتقاته المختلفة حيث كان القرار مجمدا منذ فترة زمنية غير قصيرة وكانت النية مبينة منذ شهر يونيو المنصرم إلا أن الحكومة أرجأت القرار إلى ما بعد شهر رمضان وقد جاء اتخاذ القرار مفاجئا لكل المواطنين والسياسيين والاقتصاديين والمراقبين للمشهد السياسي اليمني بينما كان معظم المواطنين يقضون إجازة عيد الفطر المبارك.
ومهما يكن من أمر فقد اتخذ القرار وتم تنفيذه وتطبيقه وبدأ سريانه في نفس اليوم وبدأت المشتقات النفطية تتوافر في جميع المحطات, وبعد معاناة المواطنين في الحصول على البنزين, والتي استمرت لأيام وليال وهم في طوابير طويلة تمتد لمسافة ما بين 3 إلى 4 كيلو مترات من أمام محطة البنزين.
وأمام تلك المعاناة اليومية أجمع أغلب المواطنين على أن رفع الأسعار هو الحل ولا مفر ولا مهرب من تجرعها حتى لا نظل في هكذا عذاب يومي للحصول على لترات من البنزين أو الديزل بعد طوابير قد يصل مداها ليوم كامل من الانتظار وتعطلت مصالح الناس في كل مناحي الحياة وأصبح كل شيء متوقفا على الحصول على البنزين أو الديزل لعودة الحياة والأعمال إلى طبيعتها , وكان معظم المواطنين يردد وبصراحة أن رفع الأسعار أفضل من عذاب الطوابير القاتلة .
ولذلك وللمصلحة العامة العليا فإن تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية وتحرير المشتقات النفطية من الدعم الحكومي يعد قرارا اضطراريا لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تكاد تهدد كيان الحكومة والدولة وإصابتها بالشلل التام والانهيار والإفلاس . إن هذه الخطوة الاقتصادية تعد من المعالجات العاجلة التي ظل المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المالية تنادي باتخاذها منذ سنوات لتفادي الكارثة الاقتصادية الماحقة التي كانت ستلحق باليمن أضرارا مالية واقتصادية فادحة لو لم تسارع الحكومة في اتخاذ مثل هذا القرار على الرغم من قسوته والأضرار المالية والأعباء المعيشية التي سيتحملها المواطن اليمني البسيط, ولكن الطبيب أحيانا ما يتخذ قرارا بإجراء عملية جراحية عاجلة للمريض الذي يعاني من ألم ما حتى يستأصل العضو المتسبب في معاناة المريض بدلا من استخدام المسكنات والأدوية المؤقتة, ولكن من سيدفع ثمن تحرير المشتقات النفطية ورفع الدعم الحكومي عنها ومن سيتضرر منها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة !
لا شك أن المواطن العادي من ذوي الدخل المحدود كالموظف والمجند والمزارع وأصحاب المخابز والمهن الحرة وطلبة المدارس والجامعات والعمال هم وحدهم من سيتحمل أعباء الزيادة الهائلة في ارتفاع كل شيء ابتداء من أجور النقل والمواصلات والسلع الغذائية وذلك من دخولهم المحدودة والتي لم يطرأ عليها أي تغيير .
بيد أن حوالي 40% من الميسورين وأصحاب رؤوس الأموال والمصانع والمتاجر وكبار المسؤولين والمهربين والمتاجرين بالمواد البترولية وتهريبها إلى الخارج كل هؤلاء لن يتأثروا بتحرير أسعار المشتقات النفطية.
وكان من المفترض ألا تكتفي الحكومة باتخاذ بعض الإجراءات والمعالجات الاقتصادية للتخفيف من حدة الأزمة وارتفاع الأسعار وذلك من خلال إطلاق سراح العلاوات المحتجزة لدى وزارة المالية كنوع من المسكنات والتي لا تتعدى مثل هذه العلاوات ما بين ألف وخمسمائة إلى ألف ومائتين ريال في الشهر لكل موظف وجندي بالإضافة إلى اعتماد ما يقرب من 250 ألف حالة ضمان اجتماعي لأن هذا القرار ليس بكاف ولا يلبي ربع ما يحتاجه المواطنون من ذوي الدخل المحدود بل كان من المفترض على الحكومة أن تتخذ قرارا آخر وإجراء ماليا آخر وهو تحسين الأجور والمرتبات وتحريكها وبما يتناسب مع ارتفاع الأسعار الملتهبة التي من أهمها المواد الغذائية والخضار والفواكه والأدوية وأجور المواصلات والنقل بدلا من الاكتفاء بإطلاق سراح العلاوات السنوية, لأن هذه العلاوات لا تشمل جميع المواطنين وإنما تشمل الموظف والجندي وبالتالي هناك فئات من المواطنين ليسوا بموظفين ولا مجندين فماذا وضعنا لهم من بدائل ومعالجات كالعمال والعاطلين عن العمل وأصحاب الحالات الخاصة من المعاقين ولذلك لا بد أن تشمل المعالجات الاقتصادية كل فئات الشعب من المتضررين من جراء الجرعة.

قد يعجبك ايضا