النقطة الداكنة للمشكلة الطائفية

جمال حسن


أذاعت قناة العربية مؤخرا لقاء مع إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي السابق متحدثا عن تداعيات الأحداث العراقية بعد سيطرة مسلحين إسلاميين متشددين على أجزاء واسعة من العراق. لم أشعر من حديثه إلى أي طائفة أو مذهب. هل هو شيعي أم سني¿ لماذا نثير تلك الأسئلة. يمكن اعتبار الموضوع الكردي مختلف بما أنها قومية موزعة على أربع دول. تنشأ الأسئلة من الإشكاليات وهذا ما يتيح لنا بقدر من التمعن والنظر إلى اعمق اشكالية يواجهها المجتمع العراقي اليوم وهو يندفع نحو حرب طائفية. قد يتحدث البعض انني اثير القضية العراقية بمعزل عن مشاكلنا المحلية في اليمن. لكن السيناريو هناك يتم توظيفه هنا واللاعبون هم أنفسهم حاضرون إضافة إلى ثيمة الخطاب ومحفزات الصراع الطائفي. ما أثاره خطاب علاوي هو الجزء المفقود من السياسة. فالديمقراطية المنتقصة على أساس أغلبية فقط أكدت فشلها في العراق. إذ لا تقتصر الديمقراطية على أصوات الناخبين بل على أشكال دستورية وقيم حريات تكفل المواطنة للشعب العراقي. المحاصصة الطائفية لا تبني وطنا إذ تعيد إنتاج الطائفية وتشرعها داخل مؤسسة الدولة وهنا تكمن الخطورة. وما تحتاجه العراق هو بناءها على أساس القانون.
وإضافة إلى إشكالية المحاصصة التي لا تسوي المشكلة الطائفية تعمل ديمقراطية الأغلبية على إعادة تشكيل الرواسب الطائفية في شكل أغلبية مستبدة. وهذا ما فعلته سياسات المالكي. البعض طرح بسذاجة هذا الحل على المشكلة اليمنية وهو ما يوحي إلى إعادة تجسيد الطائفية في شكل الدولة في مضمون بنيتها الدستورية. تحويل الخطاب الطائفي إلى هوية سياسية. هذا النوع هو الذي أنتج لنا حسن نصر الله كزعامة سياسية مكرسة للاستدعاء الطائفي. فالمالكي صعد إلى حكم العراق وإن عبر صناديق الانتخاب لكن لم يصعد ضمن خطاب سياسي أو برنامج لحل المشكلة العراقية لكنه جاء من المشكلة نفسها مسنودا بدعم آية الله السيستاني المرجعية الدينية هناك.
بالنسبة لحديث علاوي كان إرادة لإعادة العراق إلى شكلها الصحيح. ليست المشكلة في إثارة الموضوع الشيعي أو السني. الحل عراقي ولن يأتي من إيران أو حتى من أي طرف يخوض هذا الصراع الإقليمي ويحاول تشكيل إراداته في وجه التخمة الإيرانية. وهي التخمة التي تثقل كاهل المنطقة بميليشيات تقاتل في جبال اليمن كما في سهول الرافدين وأرض الشام.
يحاول علاوي وهو يحظى بثقة اطراف سنية وشيعية وكذلك كردية باعتباره يمثل خطابا علمانيا لا يميل لتشكيل بلد الطوائف. دعونا نكون أكثر واقعية تشكل العلمانية الحل الحقيقي في وجه الصخب الطائفي الذي ينتجه تطرف المرجعيات والزعامات الدينية. فطهران بعبائة الخميني هي مزرعة هائلة للاضطراب الطائفي.
تحدث الرئيس روحاني وهو الوجه الإصلاحي لكنه يؤكد التكون الشوفيني للسياسة الإيرانية بوجهيها. فهو يحذر أطرافا في المنطقة من دعم الإرهاب كما يقول باعتبار أنه سيرتد إليها. لكن ذلك ليس أكثر من غمامة النزاع تقف إيران في احد أطرافه وتمارسه من التصعيد الطائفي.
تحدث أمير موسوي في إحد القنوات العربية وهو أحد منظري السلطة الدينية في طهران عن عدم قبول إيران للتدخل الأميركي في طهران بينما قبولها لاختيار الأغلبية قاصدا حكم المالكي. لكن ذلك كان نوع من التهويم. حيث لم يكن لدى طهران موقف حقيقي إزاء التدخل الأميركي. بل على العكس باركته بصورة مبطنة. بل وشاركت فيه أي في إعادة صياغة المشهد السياسي العراقي باعتبار أن لطهران تأثير قوي. وعلى العكس في سوريا كان موقفها حاسما وواضحا ضد هذا التدخل بما أن الأسد حليف لها.
ملاحظة بسيطة للموقف الإيراني إزاء التداعيات الأخيرة في العراق يشير إلى تناقض الموقف. بل الأصح وقوعه في فخ الموقف المبدئي لواشنطن. فروحاني أكد مسبقا على استعداد طهران على التعاون مع واشنطن في المشكلة العراقية. لكن الموقف الأميركي كان مخيبا. فبعد إرسال حاملة طائرات أميركية للخليج العربي بدا خطاب أوباما يذهب أكثر نحو حل سياسي يطالب بتشكيل حكومة وطنية. بل إن وزير الخارجية الأميركية تحدث عن ثورة سنية. وهو كذلك استدعاء لشكل طائفي. أي تعزيز هذا البعد في الصراع الذي أنتجه التدخل الأميركي عبر تسليم السلطة للاغلبية ضمن خواء دولة القانون وها هي تميل اليوم للعنصر الآخر.
التناقض الإيراني يظهر في تغيير اللهجة وبصيغة حادة فبعد خطاب ناعم يرحب بالتعاون في الشأن العراقي. عادت اللهجة مستعرة وهي ترفض أي تدخل أميركي في العراق. وهو ما يبدو أن إيران ستكون جزءا من المشكلة وداعم أعمى مع سياسات المالكي ذات الوجه الطائفي. فكما ارفض تعبير كيري بأنها ثورة سنية. أو ارفض هذا المعيار. مع ذلك لا ننسى المشكلة برمتها سياسات انتجت هذا الانقسام الطائفي و هي سياسات شارك بها نظام صدام حسين وسياساته. لكنها اليوم تصطخب بصورة

قد يعجبك ايضا