إلى أين يسير اليمن وثورة الربيع اليمنية ¿
أ.د.عمر عثمان العمودي

للثورات معايير يقاس بها نجاحها ومدى ما تحققه من أهداف ونقلات إيجابية للشعوب التي تقوم من أجلها وفي مقدمة ذلك سرعة الانتقال بشعوبها من أوضاعها القديمة إلى الأوضاع الجديدة الأكثر عدلا وكرامة وعزة وازدهارا مع اختصار مراحل التطور والبناء في مدة وجيزة وأخطر ما تواجهه أية ثورة هو محاولات الانحراف بها عن أهدافها المنشودة وفي طول مرحلة الانتقال وما قد يصاحبها من أخطاء وسلبيات تتضرر منها البلاد والعباد .
وثورة الربيع الشعبية الشبابية اليمنية (فبراير 2011م) التي جاءت كمحصلة لتراكم المشاكل والأزمات في كل أوجه الحياة وفشل النظام السياسي في إيجاد الحلول الموضوعية والناجعة لها كادت ولمدة عام أن تغرق في دوامة الفتنة الدموية والحرب الأهلية غير أن حكمة المخلصين من أبنائها وبمساعدة الدول الشقيقة والدول الصديقة قد حالت دون ذلك وكانت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هي المخرج السلمي التوافقي لليمن وأطراف الثورة اليمنية ولا نبالغ إذا قلنا أن الصراع السياسي قبل هذه المبادرة كان هو السيد على نفسه وعلى أطراف المشهد السياسي وقد حجم ذلك الصراع الخطر وتحول من متغير مستقل إلى متغير تابع للنظام السياسي الجديد الذي بدأت معالمه الأولية تتحدد بانتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي في فبراير 2012م من قبل الشعب وبتوافق أبرز قادة وزعماء الحراك السياسي في ذلك الوقت ثقة فيه قيادة وحكمة وقدرة وأمانة ومسؤولية.
حقائق وبشائر ومبشرات
رغم كل الصعوبات و المضلات الشديدة الوطأة فقد حققت قيادة (ابن هادي) جملة من المنجزات النوعية والمهمة الجديرة بالتقدير والإعزاز والمؤازرة من الشعب ومن كل من يحب اليمن ويحرص على وحدته وأمنه واستقراره وخروجه من هذه الأزمة الخطيرة المركبة والمعقدة وبأقل الخسائر المادية والبشرية والمعنوية وهي :
1- تجميد مستوى الأزمة وبؤرها المعقدة المتفجرة أحيانا عند مستوياتها الدنيا والعمل الدائب والدائم على إيجاد الحلول الموضوعية لها وبكل الوسائل .
2- قيام القيادة السياسية بإعادة بناء وتجديد وهيكلة مؤسسات الدولة على أسس وطنية جديدة تبعدها عن التوجهات الطائفية والقبلية والمناطقية وفي مقدمة ذلك قوات الدفاع والأمن المناط بها حماية الشعب وأمن البلاد وسيادتها الداخلية والخارجية .
3- كانت عملية وملحمة ومعركة السيوف الذهبية أولى مؤشرات عودة الهيبة والقوة للدولة اليمنية وقد تحرر بها كل المدن العامة الساحلية والداخلية لمحافظة أبين من وجود تنظيم القاعدة الإرهابي الذي كان يسعى إلى تحويل هذه المحافظة إلى ركيزة منيعة لدولته القادمة مستغلا في ذلك ضعف الدولة وحالة الانفلات الأمني التي كانت سائدة في ذلك الوقت (2012م) .
4- أعطت القيادة السياسية الأولوية الأولى عام 2013م لمؤتمر الحوار الوطني الشامل ولم يكن أحد يتوقع انعقاده أو استمراره ناهيك عن نجاحه بسبب كثرة شروط أطراف المشهد السياسي وتباين عناصر مدخلاته ولكن بعزيمة وإصرار الرئيس عبد ربه منصور هادي وبمساندة القوى المخلصة من الداخل والخارج فقد انعقد المؤتمر وكانت المفاجأة الكبرى وبعد عشرة أشهر من المعاناة والحوار والمناقشة هي وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل في بداية عام 2014م وهي نقد بمثابة العهد والميثاق الجديد لشعب اليمن حاضرا ومستقبلا وركيزة لحياته السياسية وجار العمل على إعداد الدستور الديمقراطي الجديد وفقا لهذه المخرجات والشعب اليمني يقف بكل طوائفه وأبنائه من الرجال والنساء والشباب والشابات معا وسيعمل الجميع على تجسيدها عملا في الدستور القادم الذي سيتم الاستفتاء الشعبي عليه وبعد إقراره شعبيا تأتي مرحلة الانتخابات العامة البرلمانية والرئاسية والمحليات وتبدأ بها وعلى أساسها بروز دولة اليمن الجديد الاتحادية الفيدرالية بأقاليمها الستة المجيدة وما يرتبط بها من ولايات وفي كل ذلك ما يبشر بحياة ديمقراطية كريمة ومزدهرة وعلى أساس العدل والمساواة والمواطنة الواحدة .
5- وعلى طريق إعادة هيبة وقوة وسيادة الدولة وحق الدولة ومنطق الدولة على كل الأرض والبلاد اليمنية اتخذت القيادة السياسية الوطنية الوحدوية جملة من القرارات على الصعيد الأمني والقانوني والاجتماعي والاقتصادي ومجالات وطنية مهمة أخرى وفي مقدمتها قرار الحرب في مواجهة تنظيم القاعدة الإرهابي وعناصره الإرهابية من التكفيريين والعملاء المرتزقة أعداء الاستقرار والسلام الاجتماعي والسكينة العامة وأعداء الخير العام ويخوض أبطال القوات المسلحة ورجال الأمن البواسل واللجان الشعبية الوطنية منذ أبريل من هذا العام 2014م ملاحم بطولية يجودون فيها بدمائهم وأرواحهم دفاعا عن الشعب والوطن في أبين وشبوة وحضرموت ومأرب ومناطق أخرى ويقف الشعب بكل طوائفه وأفراده مساندا وداعما لهم فالمعركة مع أعداء الشعب اليمني لن تتوقف حتى تتحقق أهدافها في القضاء على