اليوم.. يا إهمال قف!!

جميل مفرح


كعادتنا نصر دائما – كيمنيين – على التمسك بصفاتنا وطبيعة حياتنا وإن كانت سلبية أولا تؤدي إلى النموذج الطبيعي للحياة ومن صفاتنا وطبيعة تعاملنا مع الحياة مثلا الاستيقاظ في اللحظات الأخيرة عند الإعداد والاستعداد لحدث ما أو فعالية ما أيا كان ذلك الحدث أو تلك الفعالية.. ونحرص من وقت لآخر أن يكون تعاملنا مع هذه الصفات بطريقة متنامية ومتوسعة من عام لآخر ومن حدث للاحقه .. وكأن وجدنا مجبولين على ذلك أو كأنه عامل وراثي موجود في جيناتنا منذ الأزل!!
وآخر مظاهر تلك العادة السيئة والسيئة جدا على سبيل المثال أن يكون اليوم هذا هو أول أيام امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية العامة وأن يكون أكثر من 5500 حالة حسب إحصاءات وتصريحات المسئولين في وزارة التربية حتى يوم أمس لا تستطيع أن تدخل الامتحانات لأسباب فنية إجرائية منها عدم اكتمال وثائق وعدم الحصول على أرقام جلوس أو الحصول على أرقام جلوس دون صور وهذه الحالات تعتبر من المخالفات أو الأخطاء التي قد يحرم الطالب بسببها من دخول الامتحانات!!
المثير للدهشة والمحزن أيضا أن تلك المخالفات أو النواقص لم يكن ولا يكون الطالب سببا في حدوثها عن طريق التقصير أو ما شابه ذلك وإنما يعود على الجهات المعنية والإدارات المختصة سواء في المدارس أو في مكاتب التربية والوزارة ونتيجة تقصير يحدث من قبل أشخاص في هذه الإدارات والجهات والأكثر إدهاشا أن هذه الحالات والقضايا تحدث كل عام وتتفاقم من عام لآخر بدلا من أن تتراجع ويتحسن الأداء فيها سنويا ويتم الاستفادة من الأخطاء كل مرة أو كل عام ومعالجتها وتحاشيها.. خصوصا وأنها عملية تربوية حيوية أساسية وهامة تؤثر في حياة مئات الآلاف من أبناء الوطن الذين تنعقد عليهم آمال المستقبل¿!
والتساؤل هو أين كانت وزارة التربية والتعليم ومكاتبها ومدارسها طول العام حتى يتم الانتظار إلى هذه الأثناء الحرجة التي في الغالب لا تكون كافية لمعالجة معظم الحالات إن لم يكن كلها لو قدر الله وأعان المسئولين على تجاوزها وإن برزت الاستحالة وشخصت الصعوبات.. تلك الصعوبات التي كان من الممكن تجاوزها لو أن المسئولين والمعنيين بالأمر شدوا همتهم قليلا في وقت مبكر.. أتذكر أنه كان يحدث حين كنا طلابا أن تقوم إدارة المدرسة ومن ورائها مكاتب التربية والوزارة بالتأكد من وثائق الطالب الذي يدرس السنة الأخيرة من الشهادة العامة ومراجعة وثائقه ووضعه منذ بداية العام وإشعار أي طالب يلزم ملفه أو وثائقة أية إضافات أو تعديلات!!
عموما ما أريد أن أشير إليه هو أن على وزارة التربية والتعليم بالذات ودون أية وزارة أو جهة أخرى أن تعمل في سياق طبيعي صحي أيا كانت الأوضاع والمتغيرات لأنها دون غيرها أما مسؤولية أكبر وأهم من أية مسؤوليات أخرى في جهة أخرى فعملها بالطبع مرتبط بمصائر جزء مكون أساس من مكونات حياة اليوم والغد مرتبط بفئة ليس لها علاقة بما يحدث سياسيا واجتماعيا ومن حقها أن تنال حقوقها في التعلم ومواصلة حياتها بطريقة طبيعية بعيدة عن أية حسابات من أي نوع.. وإن التقصير في حق هذه الفئة في حد ذاته هو تقصير في حق الشعب بأكمله وفي حق حاضر الوطن ومستقبله وأننا جميعا وفي مقدمتنا مسئولو الجهات المختصة مسؤولون ومحاسبون أمام هذا الجيل عن أي تقصير يجري في حقهم أيا كانت الظروف والأحوال.
وأخيرا لابد من الإشارة إلى نموذج لفت انتباهي أمس الأول في الشقيقة مصر العربية إذ تزامنت امتحانات الشهادة العامة مع احتفال تنصيب وقسم رئيس البلاد المنتخب وحاول المسؤولون بكل ما أوتوا من قدرات واستطاعة ألا يؤثر هذا الحدث الوطني الكبير على أداء وسير العملية التربوية فقد أشارت التقارير إلى ما تحظى به العملية التربوية والتعليمية من اهتمام كبير يوازي ذلك الحدث السياسي الكبير.. وحرص المسؤولون على ألا يحدث أي تأثير أو معيق للامتحانات فوفروا الطرقات الخاصة ووسائل النقل الكافية وخطط السير التي تضمن سير العملية التعليمية بنجاح وانتظام يستحقان كل الاحترام والتقدير.. وكان مما تلقيته من تلك التقارير الاستعداد للعملية بإعداد لجان الامتحانات بإشراف وزاري عال وتوفير الطرق ووسائل المواصلات إليها وتجهيزها بالعناصر الأمنية والطبية والإشرافية اللازمة مما يبعث لديك كمراقب الاندهاش والاحترام ومعرفة ما تحظى به هذه العملية التأسيسية الهامة من اهتمام كبير ورعاية وعناية خاصتين.. فهل ترانا مستفيدين ومتعظين من أمثلة كهذه تنعقد عليها آمال كبيرة في بناء أجيال الوطن القادمة وتنعكس عبرها حقيقية حبنا لوطننا وللعلم وللحياة إجمالا¿!

قد يعجبك ايضا