أزمات مصطنعة

علي العماري


قناعتي أنه لا توجد أزمة مشتقات نفطية حقيقية وإنما المشكلة برمتها مفتعلة ضمن لعبة قذرة تدور أحداثها خارج مسرح العملية السياسية للالتفاف على مخرجات الحوار وأبطالها ثلاثة: الجهات الرسمية, أصحاب محطات الوقود والمواطن ذاته.
ولكن كيف ولماذا حشرنا ثلاثي أطراف الأزمة النفطية داخل سلة واحدة من دون أن نفرق بينهم¿ لا طبعا هناك فروق واضحة فالدولة تتحمل مسؤولية توفير الطاقة وحماية خطوط الإمدادات والحفاظ على ثرواتنا من الاستغلال الداخلي والخارجي البشع.
ومن أهم واجبات سلطة ما بعد 2011م إعادة النظر في اتفاقيات بيع النفط والغاز
المصدر إلى الخارج كونها مجحفة بحق اليمن.. وبدلا من تصحيح هذا الخطأ الفادح جرى التهرب من إنجاز هذه المهمة الوطنية العاجلة غير القابلة للتأجيل من خلال استبدال ثلاثة وزراء للنفط والمعادن في أكبر عملية تغيير وزاري تشهدها المرحلة الانتقالية وبذلك نكون قد فوتنا فرصة ثمينة لتحرير مصدر دخلنا القومي الأكبر من هيمنة الشركات الاحتكارية الأجنبية.
الإشكالية الأخرى أننا تركنا قوى النفوذ في الداخل لتستمر في تقاسم ومحاصصة ثروة النفط عوضا عن تقليصها إلى أدنى مستوى لها وتوريد عائدات هذا القسم المنهوب من أملاك الشعب إلى خزينة الدولة للاستفادة منه لحل مشكلة الفقر وسوء التغذية في بلد يحتل مرتبة متقدمة في هذا المجال على الصعيد الدولي.
أما ملاك المحطات فإنهم بالتأكيد أكثر من يفرح بمثل هذه الأزمات فيتعمدون إخفاء مادتي البترول والديزل استجابة لتوجيهات أطراف تضررت من عملية التغيير وكذا التلاعب بالأسعار لإشباع جشعهم ونهمهم للمال.
والمواطن هو الآخر دائما ما يستجيب للشائعات بسرعة كبيرة جدا وبمجرد ما يسمع كذبة مسربة من هنا أو هناك يجري مهرولا بسيارته أو مركبته أو حافلته صوب محطات الوقود الأقرب إلى منزله أو مكان عمله حتى أن بعضهم يأتي بأكثر من سيارة بما فيها الخردة وآخرون يقبلون بالعديد من “الدبيب” المحمولة على ظهورهم وكل واحد يريد أن يشتري من الطاقة أكثر من حاجته.
وهكذا تبدو المشكلة المفتعلة بشكلها القبيح على حقيقتها عبر سلسلة طويلة من المحركات والمركبات المنتظرة أمام المحطات ما يؤدي إلى اغلاق الشوارع المجاورة وارباك حركة المرور والسير فيها بالإضافة إلى المشاهد المقرفة للمشاجرات والاشتباكات بالأيدي والأرجل التي تحدث بين السائقين أنفسهم أو مع عمال المحطات الذين دفع البعض منهم حياته ثمنا لهذه الفوضى اللا أخلاقية وهذا السلوك غير السوي وكل هذه الممارسات العبثية من أجل إقناع الناس العاديين بوجود أزمة مشتقات فعلية وليست أكذوبة يمكن تجاوزها.
لماذا نقول أن الأزمة مصطنعة¿! لأنه ببساطة لا توجد أزمة أسعار عالمية لمادة النفط ومشتقاته وليس هناك من مؤشرات على تراجع أو انخفاض إنتاج اليمن من الوقود سواء المخصص للاستهلاك المحلي أو المصدر للخارج ثم أننا دائما ما نقرأ ونسمع من مسؤولينا عن استكشافات جديدة واعدة ويبشرونا بمستقبل مزدهر وأفضل لكل اليمنيين أغنياء وفقراء ومتوسطي الدخل وحتى ما يسمى بفئات المهمشين.

قد يعجبك ايضا