آزال . . الإقليم الحبيس !

عبدالله علي صبري

مقال


في الوقت الذي تتجه البلاد فيه إلى الأقلمة وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني فإن صيغة التقسيم السداسي للدولة الاتحادية ما تزال غير مهضومة من قبل عدد من القوى السياسية والمكونات الاجتماعية بغض النظر عن دوافع وأبعاد هذه المواقف.
وإذ يدعم الكاتب الاتجاه نحو الفيدرالية كحل جوهري للمعضلة السياسية المتعلقة بمركزية الدولة وما لحق بصيغة الوحدة الاندماجية من تشوهات جراء أسلوب الحكم المتبع منذ ما بعد حرب صيف 1994 فإن تأييد الفيدرالية لا يعني القبول ضرورة بصيغة التقسيم المعلنة.
لست أيضا مع خيار الإقليمين حسب رؤية الحزب الاشتراكي والمعتدلين في الحراك الجنوبي ولكني مع ضرورة إقناع الشارع الجنوبي قبل غيره بصوابية وعدالة التقسيم السداسي كما أن الدستور المنتظر مطالب بتحديد آلية عملية لإرساء التوازن في التمثيل السياسي للأقاليم آخذا في الاعتبار عاملي الثروة والسكان من جهة والعامل السياسي المتمثل في إعادة صياغة الوحدة اليمنية على أساس اتحادي من جهة أخرى.
غير أن الملاحظات على مخرجات لجنة تحديد الأقاليم تتعدى مسألة المعالجة السياسية للقضية الجنوبية لتشمل أيضا الشروط المطلوب توافرها لإقامة أقاليم قابلة للنهوض والاستقرار ودون أن يطغى إقليم على آخر مع الأخذ بالاعتبارات العلمية وتجنب الرضوخ لإكراهات وضغوط اللحظة السياسية التي مكنت أطراف بعينها من فرض رؤيتها كصيغة نهائية غير قابلة للنقاش علما أن هذه الأطراف كانت متمترسة ضد خيار الفيدرالية ولما وجدت نفسها تسبح ضد التيار تقدمت خطوة إلى الأمام لكن لتفرض تقسيما يكاد يكون مفصلا على مقاس مصالحها الآنية.
وحتى لا يبقى الحديث عائما يمكن القول وعلى نحو مباشر أن التقسيم السداسي يعتوره النقص وينطوي فوق ذلك على مكيدة سياسية تجاه إقليم آزال تحديدا فقد حرم هذا الإقليم من أي منفذ بحري كما حرم في نفس الوقت من المورد النفطي الذي يتمتع به إقليم سبأ مثلا ولا عبرة هنا للقول بأن محافظات ذمار صعدة عمران وصنعاء تشكل جميعها نسيجا اجتماعيا متجانسا فذلك وإن كان يساعد على الحد من الصراع السياسي فإنه لا يحتوي على الحل الاقتصادي. ومعروف أن أهم جوانب مشكلة الحكم في اليمن تتمثل في محدودية الموارد بالنسبة لمناطق الهضبة الشمالية ما جعلها تتغول على بقية مناطق اليمن بقوة السلاح وعصبية الحكم.
وإذا كانت الفيدرالية تستهدف- ضمن أهداف أخرى- تفتيت مركز الحكم في صنعاء وما حولها فإن إعلان إقليم آزال على هذا النحو ينطوي على قنبلة موقوته يشكل انفجارها تهديدا لعموم الأقاليم اليمنية.
أما إذا عرفنا أن العاصمة صنعاء لن تدخل ضمن إقليم آزال ( بما يعنيه ذلك حرمان الإقليم من الموار الكبيرة المتوخاة من أمانة العاصمة ) فإن الفقر المحدق بالإقليم (الحبيس) سيتهدد العاصمة السياسية قبل أي مكان آخر!
ما يؤسف له أن القوى المعنية قد تجنبت الخوض في الحديث المباشر عن مخاطر تقسيم كهذا ربما من منطلق أن ما قد يصدر عنها من آراء ومواقف سيقابل بسوء فهم من قبل الأطراف الأخرى. وإلا فإن السؤال يطرح نفسه ما الذي يمنع أن يكون لإقليم آزال منفذ بحري¿ ولماذا تحضر المخاوف من انفصال هذا الإقليم بالذات مع أن بقية الأقاليم يمكنها أن تنفصل أيضا إذا كان المنفذ البحري هو العامل الأساس لإقامة دولة مستقلة¿! مع العلم أن إمكانية انفصال إقليم حضرموت أكبر من إمكانية انفصال إقليم آزال!
ما يزال في الأمر متسع إن كان هناك نية للمعالجة وأقترح في هذا الصدد ما يلي:
1- إضافة ميدي إلى محافظة صعدة ليشكل الميناء منفذا بحريا لإقليم آزال.
2- ربط محافظة ذمار بالدولة الاتحادية مباشرة وبشكل مؤقت وذلك خلال المرحلة التأسيسية المقبلة وبعدها تنضم المحافظة إلى إقليم آزال.
3- بناء عاصمة اتحادية جديدة في ضواحي العاصمة صنعاء ويتم الانتهاء منها خلال المرحلة التأسيسية وبعدها تغدو العاصمة القديمة جزءا من إقليم آزال.
4- التفكير بجدية في مطلب بعض أبناء خولان ( 3مديريات تتبع محافظة صنعاء ) بالانضمام إلى إقليم سبأ ففي ذلك تخفيف على إقليم آزال وتحقيق المصلحة العامة لأبناء قبيلة خولان كما أن العبء لن يكون كبير على إقليم سبأ مقارنة بالتصور السابق الذي كان يضع محافظة ذمار بأكملها ضمن الإقليم. ثم أن هناك تجانسا قبليا كبيرا بين خولان ومأرب وتداخلا جغرافيا وإداريا أيضا فصرواح التابعة قبليا لخولان تعد جزءا إداريا من محافظة مأرب.
أعتقد أن الإقليم بالصورة المعدلة سيكون إضافة نوعية إلى الدولة الاتحادية وليس عبئا عليها وهذا هو الهدف المطلوب من الاتجاه نحو الفيدرالية ومغادرة أسلوب المركزية في الحكم علما أن مقترح المعالجات هنا لا يمس جوهر التقسيم السداسي المعلن بقدر ما يشكل إصل

قد يعجبك ايضا