رواية عابرة للمجتمعات
محمد الغربي عمران

الطبعة الخامسة, هذا ما لفت نظري أسفل غلاف رواية ساق البامبو. وقد وجدتها في جميع مكتبات القاهرة وباعة كتب الأرصفة , سألت نفسي لو لم تفز هذه الرواية بالبوكر 2013.
قرأتها لأجد أن ساق البامبو تستحق القراءة, وإن شوهت سمعتها البوكر, كثيرا ما نسمع ونقرا أراء بعد فوز كل عمل أدبي بجائزة ما , فما بالك إذا كانت هذه الجائزة هي البوكر.
فازت في دورات سابقة ترمي بشرار وقيل ما قيل حول فوزها خاصة من كتاب مصر, ثم فازت رواية رجا عالم طوق الحمام مناصفة مع بنحميش, وقيل ماقيل حول تلك الأعمال , مبررين أن هناك أعمالا قوية تم استثناؤها , وفي دورة البوكر الأخيرة فازت ساق البامبو للروائي الكويتي سعود السنعوسي.الذي سبق أن أصدر عدة أعمال أدبية كان أبرزها رواية سجين المرايا.
تبخر ما قرأته بعد قراءتي لها من نقد سلبي وأراء تقلل من أحقية الرواية بالفوز, بل واعتبرتها أفضل رواية فازت بجائزة البوكر منذ تأسيسها, بغض النظر عن الأسماء الكبيرة إعلاميا التي س فازت في الدورات السابقة.
وفي تصوري أن تلك الروايات التي فازت في دورات البوكر ليست هي الأفضل بين الروايات العربية الصادرة خلا تلك السنوات , الجميع يعرف أن روايات البوكر تفوز نتيجة لشروط الجائزة التي منها أن يكون العمل مقدما من دور النشر وليس من الهيئات أو الكتاب, وبذلك تحرم الكثير من الأعمال القوية من المشاركة, ونتيجة لحصر تقديم الأعمال عبر الناشرين أن دور النشر المصرية لا ترشح إلا كتابا مصريين , وكذلك معظم دور النشر اللبنانية تفضل ترشيح الأعمال الشامية.
أمر أخر أن من شروط المسابقة أن يكون العمل قد صدر في مدة محددة تعد بالأشهر ولا يتاح لأي عمل مضى عليه سنتين أو أكثر.
وهناك أيضا مخالفات حصلت لتلك الشروط في بعض الدورات ومنها الدورة الأخيرة قد ابتدعت إقصاء عدد كبير من الأعمال لأصحاب الأعمار الكبيرة بعذر إتاحة الفرصة للمؤلفين الشباب. وتلك ليست من شروط الجائزة .إذ أن الأصل هو النص وليس العمر, وقد تكون هناك تعليمات أخرى يجهلها الجميع تقلل من نزاهة الجائزة تعطى للجان التحكيم مثل أن تخصص دورة ما لأعمال منطقة ما أو دولة ما.
رواية ساق البامبو لمن يقرأها سيكتشف بأنها استثناء, وتستحق أكثر من جائزة . ولذلك لنا اليوم مقاربة حولها. و سنتناول :
الجانب الموضوعي. والجانب الفني.باختصار غير مخل. حتى نقرب العمل إلى من لم يقرأ هذا العمل الروائي.
بداية بالجانب الموضوعي, حيث قدم لنا الكاتب إحدى أهم القضايا التي يعاني منها المجتمع الكويت, بل والخليجي عامة. فإذا كان للعمالة الوافدة للعمل في تلك المجتمعات جوانب إيجابية فان لها جوانب سلبية على المدى الآني والبعيد, ومن ذلك المحور انطلقت أحداث الرواية , ومنها مشاكل التزاوج بين السكان الأصليين والوافدين إضافة إلى تلك العلاقات غير شرعية .
وهناك قضية إنسانية قد تخص الكويت تتلخص في معاناة فئة (البدون) وهو ما يعتبر استمرارها دون حل وصمة عار على جبين المجتمع الكويتي. وهذ ما تعرضت له الرواية من خلال معناة إحدى الشخصيات (غسان)
لكن المحور الأساسي للرواية يبدأ من حكاية العلاقة السرية التي نشأت بين راشد عيسى الطاروف ومخدومته جوزافين(فلبينية) راشد ابن عائلة الطاروف وهو الذكر الوحيد بين عدد من النساء والدته (غنيمة) حارسة العادات والتقاليد والمهيمنة على كل قرار, ثلاث شقيقات: عواطف وهند ونورية. لراشد أصدقاء وهما غسان ووليد علاقاتهما علاقة متينة .
تلك العلاقة بين راشد وجوزغين نشأت بعد أن أحس راشد برغبة تتأجج تجاه خادمتهم التي كثيرا ما تسهر تقدم له القهوة في ليال ينشغل وحيدا بكتاباته , أخذ راشد يتحرش بها لكنها صدته بأدب ليعرض عليها الزواج بشكل سري, وسريعا ما ثمرت تلك العلاقة , لتكتشف والدته الأمر, حتى طردته وجوزافين وبعد ولادتها تم ترحيلها ووليدها إلى بلدها الذي أسماه والده بعيسى , عندها أستطاع أن يستعيد رضا والدته غنيمة.
وبعودة جوزفين ووليدها قدم لنا الكاتب ملحمة إنسانية لأسرة تعيش ضمن بيئة تؤمن بالأساطير والعادات والتقاليد الغريبة هناك في (فالنسويللا) شمال مانيلا .
أسرة جوزفين تتكون من الأب طاعن في السن (ميندوزا) مدمن مصارعة ديوك يصرف ما يحصل عليه على شراء المزيد منها وتغذيتها وتدريبها. ميندوز حارب في حروب شرق أسيا , صراع السيطرة بين الحلفاء والسكان, له ابنتين آيدا التي دفعها لبيع جسدهامن أجل توفير المال لتنخرط سنوات في عوالم سفلية.. أجهضت عدة مرات لتعود إليه بطفلة بعد أن أدمنت المخدرات لتكون ميرلا ابنتها المخلصة لها من امتهان جسدها , وجوزافين التي هاجرت الكويت كخادمة لتعود بعد ثلاث سنوات وبين ذراعيها وليدها الذي أسماه والده عيسى على اسم أبيه, وأسمته أمه هوزية وهناك في مانيلا أصبح اسمه خوسيه , ثم الابن بيدروا