وخير جليس في الزمان شمعة وظلام ¿¿

د/عبد الله علي الفضلي


لقد أصبح الظلام والشمعة خير جليس وخير رفيق وخير صديق , فأينما تولي وجهتك في المنزل فالظلام أمامك يلاحقك إلى كل ركن في المنزل . فحينما تتوجه إلى المطبخ أو دورة المياه أو أي غرفة من غرف المنزل فإن الظلام هو السائد ولذلك فقد بات المصباح أو الكشاف أو (الإتريك) باللهجة المحلية هو الرفيق المفضل في كل تحركاتنا الليلية ولا يمكن التخلي عن هذا الكشاف دقيقة واحدة حتى أثناء النوم فهو يرافقك حينما تضعه تحت رأسك خاصة مع كثرة ليالي الظلام لدرجة أنني حينما أتوجه إلى أي غرفة أو دورة المياه أو المطبخ أثناء وجود الكهرباء فإنني أحمل الكشاف في جيبي لأنني لا أأمن من شر ومكر انطفاء الكهرباء في أية لحظة خاصة وأنا أتوضأ أو أتمسوك , وقد حصلت الكثير من المفاجآت لمعظم أفراد الأسرة وهم يصرخون من داخل دورات المياه لنلحقهم وننقذهم من شدة الظلام فنسارع بإعطائهم الإضاءات المتوافرة , وبالطبع فقد ملأنا غرف المنزل بالكشافات الصينية التي تحمل على الرأس وتحول أفراد الأسرة إلى ما يشبه الملحمين والمشحمين والسماكرة وكل واحد منا قد ركب على رأسه كشافا وكل يومين أو ثلاثة ينتهي مفعول البطاريات من كثرة استخدام هذه الكشافات وهي بطاريات مزيفة ومغشوشة وعمرها الافتراضي لا يزيد عن يومين وقد فتح الله على الشعب الصيني وسخر له اليمن كمقلب لتصريف البضائع والسلع المغشوشة وغير الصالحة وتدفقها إلى الأسواق اليمنية المفتوحة على مصراعيها لكل ما هو صيني دون رقابة أو تجريب .
حيث نستهلك في الشهر الواحد عشرات البطاريات المضروبة المزيفة ونستقطع من مرتباتنا الآلاف لشراء الكشافات والبطاريات .
قال لي أحد الأصدقاء إنه من جراء انطفاءات الكهرباء المتكررة فقد وضع في كل غرف وأركان المنزل ودورات المياه والمطبخ شمعتين مع علبة كبريت كنوع من الاحتياط لمفاجأة انطفاء الكهرباء في أية لحظة خاصة في الليل البهيم فكل من أراد الذهاب إلى المطبخ أو دورة المياه عليه أن يوقد الشمعة ثم يقوم بإطفائها بعد خروجه .
وهكذا تحولت ليالينا إلى كوابيس مزعجة ولا ندري هل هذا الظلام والإظلام متعمد ومبرمج أم أنه قد أصبح نوعا من العقاب الجماعي أم أنه جانب مزاجي شخصي مفتعل أو نكد معيشي مستمر وممنهج .
فهل هناك تزامن بين انطفاءات الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية من الأسواق¿
إن الله عز وجل وهو العليم الخبير وهو العزيز الحكيم وهو الرحمن الرحيم وهو السميع البصير لا يرضى لعباده بالظلم وإن الله لا يجمع بين عسرين ونحن في اليمن قد تم وضعنا بين أكثر من عسر ووضعنا بين فكي كماشة إما أن نقبل بالجرعة أو نقبل بهذا العذاب اليومي مع الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية فنحن أمام خيارين أحدهما أمر من الآخر وعلى سبيل المثال إذا افترضنا جدلا أننا أرغمنا على القبول بالجرعة النفطية وقلنا على بركة الله (جرعونا) فمن يضمن لنا عدم ارتفاع الأسعار للسلع الغذائية والمواد التموينية الأخرى وارتفاع سعر العملات الأجنبية وبقاء المرتبات والأجور كما هي ثابتة دون تحريك أو تحسن ففي هذه الحالة سنكون أول ضحايا الجرعة أما أصحاب الطول والموسرين وأصحاب المصالح فلن يتأثروا بالجرعة لا من قريب ولا من بعيد بل سيكونون سعداء بهذه الجرعة ليزيدوا من أرصدتهم ومدخراتهم في البنوك ويصبح الوضع الاقتصادي للمواطنين سيئا وقاتلا ومؤلما وشديد الوطأة فأناس يلعبون بالمليارات وأناس يتاجرون باليورو والدولارات وأناس يبحثون عن الريالات وليس أمام الفقراء من خيارات سوى الدموع والحسرات والانتحارات .
aafadhli@yahoo.com

قد يعجبك ايضا