سقطرى… الجزيرة الأعجوبة … تستغيث!
أحمد الأغبري

أحمد الأغبري –
قسم فهد كفاين الكتاب إلى أربعة فصولفقدم في الفصل الأول إضاءة تاريخية أوضح فيها أصل تسمية الجزيرة وخصوصية طبيعتها وبيئتها ومناخها وتضاريسها منوها بالأطماع الاستعمارية بالجزيرة في التاريخ القديمبدءا من الإغريق ومرورا بالفرس والروم والبرتغال مشيرا إلى بعض المعارك التي خاضها سكان الجزيرة ضد الهجمات التي تعرضت لها الجزيرةمحاولا في هذا السياق التوكيد على الأصول العربية لسكان الجزيرةمستشهدا بما أسفرت عنه كشوفات أثرية في بعض مناطق الجزيرة تؤشر إلى تلك المعارك ومن خلالها إلى الأصول اليمنية العربية لتاريخ الجزيرة وأبنائها.
ديانة السقطريين
كما تعرض الكتاب لبعض الأساطير التي ارتبطت بالجزيرة عبر تاريخها ويؤكد المؤلف أن كل أهالي سقطرى يدينون بدين الإسلام بينما لم يثبت اشتهار أي دين آخر قبل الإسلام الذي دخل الجزيرة بواسطة التجار الحضارم (نسبة إلى منطقة حضرموت اليمنية) قبل أكثر من ألف سنة حيث يعود تاريخ إنشاء المسجد الجامع في مدينة حديبو عاصمة الجزيرة إلى أكثر من خمسمائة سنة وصار في الجزيرة الآن أكثر من مئتي مسجد. مرت سلطة الحكم في الجزيرة بعدة مراحلوينطلق المؤلف من الأسرة العفرارية التي حكمت سقطرى إضافة إلى منطقة المهرة لمدة 485 سنة وكان أول حكامها السلطان عامر بن طوعري بن عفرار في العام 1482م وأخرهم السلطان عيسى بن علي بن عفرار وهو الحكم الذي استمر إلى أن سقطت السلطنة بيد الجبهة القومية للتحرير في جنوب اليمنحيث صارت الجزيرة بعد ذلك تابعة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الشطر الجنوبي من اليمن إلى أن أعيد تحقيق الوحدة اليمنية وصارت الجزيرة جزء من اليمن الموحد .
اللغة السقطرية
يتحدث اليمنيون اللغة العربيةوتعد بلادهم مهد العربواشتهرت قديما بأنها موطن إحدى أهم اللهجات العربيةوالتي كان يطلق عليها لغة الجنوبومن هذه اللغة تعددت لهجات مناطق اليمنإلى ان وصل التطور اللغوي بالعربية مستوى ساد كل بلاد العرب شمالا وجنوبافاندثرت تلك اللهجات واللغات القديمة في بلاد العرب بما فيها اليمن باستثناء بعض مناطقها حيث لايزال سكان محافظة المهرة على الحدود اليمنية مع عمان إلى يومنا هذا يتحدثون لغة يطلق عليها اسم اللغة المهريةبالإضافة إلى سكان جزيرة سقطرى الذين لهم أيضا لغتهم الخاصة ويطلق عليها اسم اللغة السقطرية .
على الرغم من انحسار استخدام اللغة المهرية في محافظة المهرة إلا أن ما عانته جزيرة سقطرى من عزلة قد أبقت لغة سكانها حاضرة بقوةكما بقيت بقية مفردات ثقافتهم محتفظة بخصوصيتهاأي أن سكان هذه الجزيرة لا يزالوا يتحدثون بهذه اللغةويكتبون بها شعرهم ونثرهم ويدونون بها حكاياتهم ويقتصر استخدامهم للعربية على أحاديثهم مع زوار الجزيرة وحصص المدارس و تعاملات المؤسسات الحكومية..
حول أصل اللغة السقطرية يذهب فهد كفاين إلى توكيد ما أكده بعض الباحثين الذين ينسبون اللغة السقطرية إلى اللغات العربية الجنوبية التي انتشرت قديما في جنوب جزيرة العربية والتي كان منها الحميرية والحضرمية والقتبانية والسقطرية والمهرية وأخواتها المنتشرة في عمان .. وقد اختفت الثلاث الأولى ما عدا نقوش بقيت في المتاحف لذلك بات يطلق عليها اليوم بلغة النقوشبينما بقيت اللغة السقطرية واللغة المهرية مستخدمتين بين أهالي المهرة وسقطرىمنوها بتقارب كبير بينهما إلى حد الاشتراك في بعض الكلمات.. وأرجع بقاء لغة سقطرى إلى العزلة التي عاشتها الجزيرة وعانت بسببها من التخلف والجهل والفقر على امتداد قرون على حد تعبيره .
فيما يخص الآراء التي تعود بأصل اللغة السقطرية إلى اللغات اليونانية قال كفاين ان تلك الآراء تفتقر إلى الإثبات وبحاجة إلى دراسة متأنية تعتمد على مصادر أكثر كفاية للجزم منوها بان “التقارب والتداخل بين اللغة السقطرية مع اللغات العربية والمهرية ولغات منتشرة الآن في جنوب جزيرة العرب والسواحل الشمالية للقارة الإفريقية مثل السواحلية إلى حد الاشتراك في بعض الألفاظ في هذه اللغات مما جعل البعض يعتقد أنها تنحدر من سلالة لغوية واحدة إلا أن تتبع التسلسل اللغوي في هذا الجانب لم يثبت ذلك إلى الآن”.
يتحدث السقاطرة البالغ عددهم خمسون ألف تقريبا اللغة السقطرية إضافة العربية وينظمون أدبهم بها ويتغنون بقصائدهم الجميلة بواسطتها والسقطرية لغة حية قادرة على التوسع والتكيف مع التطور ودخول المصطلحات الجديدة وهي تقترب كثيرا من العربية وتشترك معها في الكثير من الألفاظ مثلا : كلمة الكن بالعربية هو الغار ومعناها في السقطرية (منكنن) وكلمة( يد) بالعربية يقابلها في السقطرية (أأد) …. وهكذا العشرات من الألفاظ .إلا ان اللغة السقطرية تبقى محاصرة ببعض المشاكل منها حسب فهد كفاين : ” ليس للغة السقطرية أحرف تكتب بها فهي لغة شفهية ف