أكرموا مسيرة السلام بالسلام

فتحي الشرماني


وهؤلاء المواطنون الذين يجدون أنفسهم مقاتلين في صفوف جماعة الحوثي تحت تأثير الحمية أو غيرها, ويتساقط العشرات منهم في هذه المواجهات مع القبائل ومع الجيش بين قتيل وجريح هؤلاء المواطنون أليس من حقهم مثل غيرهم من اليمنيين أن يعيشوا بأمن وسلام مع أهاليهم, وأن يتذوقوا طعم الحياة, وهم أصحاء حالمون, ينتظرون قدوم الخير¿ أليس من حقهم أن تنعم أسرهم بحياة ليس فيها الأحزان التي تخيم على أحيائهم وقراهم ومدنهم, مادامت مواكب الجنائز لم تنقطع, والمقابر لم تشعر بالامتلاء¿ أليس من حق أطفال مقاتلي الحوثيين أن يصبحوا على ابتسامة أب تزرع في نفوسهم الفرحة والأمل, لماذا تغتال فرحتهم ويحكم عليهم باليتم والبؤس والحرمان, ما ذنبهم حتى يعاقبوا بكل هذا العقاب¿
إذن الكل خاسر, سواء كنت مقتولا أو قاتلا, مظلوما أو ظالما .. فدماء اليمنيين بمختلف انتماءاتهم ومعتقداتهم دماء محرمة, والكل يريد أن يعيش حياة كريمة, وليس هناك من يحب الموت مثل حبه للحياة, وكلنا مسلمون يعلم الجاهل منا والمتعلم أن هذه الدنيا مهما كان إغراؤها لا تساوي قطرة دم واحدة تسيل من جسد إنسان يمني, بل إنها عند الله أهون من ذلك, إذ لا تساوي عنده جناح بعوضة, فلماذا إذن هذا الاحتراب وهذه الدماء التي تراق يوميا¿!.
إن الوطن ليخسر بكل روح يمنية تزهق بغير حق .. يخسر بسقوط إنسان حمل السلاح مع جماعة الحوثيين, وتقاتل مع أخيه في الدين والوطن والقرابة والمصير فلقي مصرعه أو حولته الإصابة إلى إنسان معاق, فالوطن يخسر بذلك مثلما يخسر بسقوط جندي لم يرتكب جرما سوى أنه يكابد البؤس والشقاء ليحمي هذا الوطن ويأمن فيه الناس, ولكن تأتيه رصاصة الأخ في الدين والوطن والقرابة والمصير فتزهق روحه وهو في نقطة أمنية أو موقع لمراقبة الوضع الأمني, يتحمل برد الشتاء وحرارة الشمس, لا يخلد إلى الراحة إلا قليلا.
لماذا تهدر دماء اليمنيين يا من تحملون السلاح¿ أية حجة هذه التي تجعلكم تمضون في هذا الطريق الذي يقتل فيه الإنسان نفسه بقتله أخيه .. إننا نناشد فيكم الأخوة والضمير والإنسانية أن تغلبوا المنطق والعقل والحكمة, وتصعروا خدكم لإغراء الحرب والمحرضين عليها الذين يعبرون عن سرورهم بما أنتم عليه, في حين هم يستمتعون بالعيش بين أهليهم كأنهم ملوك أو أبناء ملوك.
العودة إلى الحق فضيلة.. والشجاع من أمسك نفسه عند الغضب .. والكبير في عين الناس من تسامى على الجراح وتناسى الماضي ولزم طريق الصبر وتذوق طعم العفو وعمر قلبه بالحب ووطنه بالسلام.
يا من تحملون السلاح وتصنعون الحرب لقد تحركت نفوس شبابية وأرقها سقوط هذه الأرواح بدون سبب, وكان أن جاءت إليكم (مسيرة السلام) التي يمثل أفرادها شعبا يطمح إلى السلام, فما سلكت هذه المسيرة شعبا أو نزلت واديا في طريق عمران وصعدة إلا وكانت قلوب ملايين اليمنيين معهم حبسهم العذر, فلا تخيبوا ظنهم وهم يقولون لكم: (كفاكم اقتتالا.. نريد أن نعيش).. لا مناص سوى الحوار والتصالح وإسكات آلة القتل.. فهيا اختصروا الطريق واجنحوا للسلم, فتكونوا قد أكرمتم مسيرة السلام, وتكونوا عند حسن الظن, فنحن شعب واحد و(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره).

قد يعجبك ايضا