في أعراس النساء بمدينة صنعاء

المقالح عبدالكريم


يعد الزواج واحدا من المناسبات الاجتماعية المتميزة في يوميات البيئة اليمنية.. لما له من خصوصية محلية وعلى عدة مستويات مثل: الغناء- الأزياء- الولائم- المراسيم… إلخ
الأمر الذي يحول حفل الزفاف- خاصة النسائي- إلى احتفالية تضم بين جوانحها الجميع.. سواء كانوا من أفراد الأسرة أو من الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء واالمعارف.
ولعل أهم ما يلفت الانتباه ويشد التركيز في مراسيم حفل الزفاف النسائي في صنعاء هو أزياء العروس.. والتي تتعدد وتتنوع تبعا لنوع الاحتفالية.. سواء قبل يوم الزفاف أو بعده.. إضافة إلى الاكسسوارات المتنوعة وهو ما يشكل موضوعا مغريا لسبر مخزونه واكتشاف كنوزه.. بما يلقي ضوءا كافيا وبشكل موجز على مجمل تفاصيله.. بغية الإلمام بهذا الملمح الهام والشيق..
وإذن.. إلى هناك.
ما قبل.. ليلة العمر
إنه أسبوع الزفاف.. وسيحتوي جدوله على احتفاليتين.. الأولى: يوم الحمام.. والثانية: يوم النقش. وفي بداية هذا الأسبوع- غالبا الأحد- تدخل العروس في مراسيم الزفاف بذهابها مع مجموعة نساء إلى الحمام البخاري.. وفي صنعاء تنتشر الكثير من الحمامات البخارية.. القديمة منها تقسم الأسبوع رجاليا ونسائيا.. بتخصيص أيام معينة لكلا الجنسين. أما الحمامات البخارية الجديدة.. فهي مكونة من جزئين في جهتين مختلفتين.. للرجال مدخل وللنساء مدخل آخر.
وهكذا ما إن تعود العروس من رحلة الحمام.. حتى يقام لها حفل زفاف مصغر.. والذي سترتدي فيه واحدا من فساتينها المطرزة.. وستضع على رأسها وشاحا كبيرا- مطرزا هو الآخر- يسمى (القناع).. وهو كبير نسبيا بحيث ينسدل على كتفي العروس وقد يصل إلى منتصف ظهرها. وليس ثمة اكسسوارات مع هذا النوع من الأزياء.. باستثناء زينة (الشذاب).. حيث يوضع غصن شذاب فوق رأسها مثبتا بدبوس.
والشذاب هنا بمثابة تميمة أو حجاب تقي من العين.
وإلى الاحتفالية الثانية.. وموعدها منتصف الأسبوع- الثلاثاء تقريبا- وهي (يوم النقش).
وتكاد تكون هذه الاحتفالية أنموذجا مصغرا للكرنفال الكبير/ الزفاف.. وذلك على مستويات عدة مثل:
الحضور: كثير ومتعدد ومتنوع.. على أن أغلب الوجوه تكاد تكون من المقربات من العروس: أسرتها- أقاربها- صديقاتها- جاراتها.
المكان: قاعة خاصة.. قد تكون أصغر بقليل أو مساوية للقاعة التي سيقام فيها الزفاف.
الزمان: تقريبا من الثالثة عصرا إلى التاسعة مساء.
الغناء: قد يقتصر على (مغنية) متخصصة.. أو قد تحيي الحفل فرقة غنائية.. كما حفل الزفاف.
الفستان واكسسواراته: قبل عقود- ربما إلى نهاية الثمانينيات من القرن العشرين- كان فستان يوم النقش يسمى بالفستان الأخضر.. لأنه فعلا بلون أخضر.. وكان من قماش خاص ثقيل الوزن.. وكانت تغطيه النقوش والتطريزات ذات اللون الواحد.. أما امتلاكه فكان حصريا على (الشارعة).. وهي المرأة المتخصصة بإعداد وتهيئة العروس.. لبسا وتزيينا.
لكن.. وفي الوقت الحالي تغير كل هذا.. في حدود نسبية.. فعلى سبيل المثال.. أصبح للعروس مطلق الحرية في اختيار لون فستان يوم النقش.. كما أنه- أي الفستان- قد دخل مؤخرا ضمن قائمة “كسوة” العروس المتنوعة.. والتي يتكفل بها العريس طبعا.. لذا فإن فستان يوم النقش- وهو غالبا من نوع “كلوش” مطرز- يأتي مثله مثل بقية مطرزات الكسوة.. أي وهو قطعة قماش.. لتتم خياطته فيما بعد حسب التصميم الذي تختاره العروس.
أما الاكسسوارات الخاصة بفستان يوم النقش فهي من نوعين:
الحلي الذهبية المعروفة.
البرقع: وهو اكسسوار عادي- أي فالصو- وإن كان لونه ذهبيا.. وهو مكون من قطعتين.. الأولى: توضع على الجبين تثبت من الخلف بلفها حول الرأس ثم غلقها بنفس طريقة العقد.. بمشبك أو بحلقة فيه. الثانية: كالخمار توضع فوق الأنف وتثبت من الخلف بنفس طريقة القطعة السابقة.
زغاريد إضافية..!!
استحقت العروس كل تلك المراسيم.. وكل تلك الاحتفالات والأفراح.. فما في ذلك الكرنفال الكبير الذي أقيم لها والذي انتهت مراسيمه بوصولها إلى عريسها.
لكن هذا لا يعني اكتمال أو انتهاء مراسيم البهجة.. إذ ما زال في جعبة التقاليد الاجتماعية المزيد.. مما يعبر عن فرح المجتمع بهذه المناسبة وابتهاجهم بالعروس الغالية.
ويعقب الزفاف احتفاليتان كبيرتان.. وعلى النحو التالي:
الثالث: 48 ساعة تقريبا قضتها العروس المحبوبة بعيدة عن بيتها وأسرتها.. وهي ربما سابقتها الأولى في ذلك.. لذا لابد من فسحة صغيرة مؤقتة تسمح بعودتها إلى عشها الأول مجددا.. ليطمئن قلبها وليطمئن أهلها عليها.. وهكذا فإن يومها السعيد الثالث سيكون بين أسرتها.. وذلك بمعية زوجها.. والذي سيتعرف للمرة الأولى على الآخرين في أسرة عروسته خاصة شقيقاتها.
الشكمة: تماما كما ال

قد يعجبك ايضا