عيون السيكلوب
محمد المساح
رغم التقدم الهائل في التكنولوجيا الذي حققه الغرب وهو يشطح ويزهو على عالم الضباحي هذا التقدم الهائل والمعجز لم يتوصل بعد إلى شيء يعمل بربع كفاءة أنف الكلب تلك الحاسة الشمية الطبيعية.. إنهم يتقدمون بالفعل ويركضون للوصول إلى ذلك الهدف البعيد.. ورغم الترسانة الهائلة ومن أحدث كاميرات المراقبة لمتابعة العابرين والمسافرين والتدقيق في بطاقات الهوية ومسح الأجسام ومراكز البيانات الحافظة لبصمات الأصابع وكاشفات البريد الإلكتروني ولاقطات موجة الهواتف النقالة والعيون الإلكترونية في قيعان برك السباحة والبحار والأنهار.. ومسح السفن والشاحنات والتعرف على الأسلحة البيولوجية والنووية والسماء المليئة بطائرات التجسس والأقمار الصناعية التي تصور الإبرة في كومة التبن.. وغيرها وغيرها مثل كلاب الحراسة الإلكترونية على خطوط الأجسام المتحركة والكاميرات التي يمكن التحكم بها عن بعد وعدسات النواظير الليلية واستخدام الأشعة تحت الحمراء والتصوير بالأشعة ذات الموجة القصيرة واستخدام مستويات ثاني أوكسيد الكاربون لقياس التنفس البشري داخل الحاويات ونظام الشبكات الحاسوبية التي تمكن السلطات من التدقيق في أمر (46) مليون بصمة في غضون دقائقوفي مطار أمستردام يمكن للمسافرين أن يوفروا الوقت في التفتيش باستخدام الأجهزة التي تمسح قرنية العين بكل سهولة.. ومحطة “فيويث هيل” في بريطانيا التي يشرف عليها مكتب الأمن القومي الأميركي.. والتي بإمكانها التقاط وتحليل البث الصادر عن الهواتف والكمبيوترات عبر جميع أرجاء العالم.. وهات لك هات.. دعك من الكاميرات التلفيزيونية ذات الدوائر المغلقة في الشوارع والحدائق العامة.. ومحطات القطارات والباصات والملاعب الرياضية وأماكن التسوق كل هذا العالم “الأوريلي” نسبة لجورج أوريل.. رغم كل هذا فأودسيوس بطل الأوديسا اليونانية “الهوميروس يغشوش على عيون” السيكلوب “الوحش القاتل”.. ويعبر باب الكهف إلى الخارج.. أسفل بطن النعجة أو أن في الأمر كما قال صاحبنا “قس بن ساعدة” في حرب الجبان والشجاع..