ناطقون بلا صوت
حسين محمد ناصر
من السلبيات التي لا تزال قائمة حتى اليوم في الوزارات والمؤسسات العامة في البلاد عدم وجود لوائح داخلية تنظم وتحدد عمل دوائر الوزارات ومهام المسؤولية التنفيذية فيها والموظفين الكبار في إطار هذه الدائرة أو ذاك القسم, واحد وإن وجدت هذه اللوائح في بعض الوزارات والمؤسسات فإنها غالبا ما تكون حبيسة الإدراج ولا يتم العمل بها على الواقع بل إن المسؤولين في الوزارات لا يعون المهمات الأساسية الواقعة على الدوائر والأقسام والمكاتب التي يشرفون عليها ويترأسونها!! أقول هذا وأنا اسمع وأشاهد وأقرأ بعض الموظفين وهم يقومون بمهام ليست من صلاحياتهم ولا تقع تحت مسؤولياتهم ولا تعنيهم مسائل الخوض فيها بهذا القدر من الحديث أو ذاك.
كثير من مدراء مكاتب الوزراء يمارس مهامه في إطار وظيفته الإدارية المحددة له ولا يتجاوزها إلى أمور وسائل لا تدخل في إطار هذه الوظيفة ومؤخرا استمعت من إذاعة صنعاء إلى حوار يناقش أوضاع إحدى المؤسسات العامة يسأل فيه المذيع مدير عام مكتب وزير عن قضايا هذه المؤسسة ومشاكل موظفيها ورأيه عن هذا الأمر وملاحظاته على ذلك ولماذا¿! ومتى¿! وسمعت المدير وهو يجيب على تلك الأسئلة والاستفسارات وكأنه الوزير والنائب والوكلاء!! وعندما بحثت عن مهام مدير عام مكتب الوزير ومهام الناطق الإعلامي لأي وزارة وجدت كثيرا من الاختلاف بينهما والموانع والاختصاصات تسمي الأشياء بأسمائها المفترضة تنص على مهام إدارية بحتة وأخرى سياسية والفرق شاسع وكبير بين هاتين الوظيفتين بمعنى آخر ينبغي ان يمارس كل منهما وظيفته على أكمل وجه دون تدخل وإلا ماذا سيبقى لنواب الوزراء والوكلاء ومساعديهم ومدراء عموم الدوائر العامة: إذا ما انبرى مدير مكتب وزير للقيام بمهام كل هؤلاء وبشكل لا يخوله له القانون ولا اللوائح التنظيمية الداخلية للوزارات.
لقد أصبح بين الدولة والناس الدليل النظري للسير في الدرب المنشود المحقق لتلك الأحلام والآمال ولم يبق سوى أن يخلص لتنفيذه كل أبناء الشعب وفي مقدمتهم القاعدة العريضة للأحزاب والمكونات عبر إيجاد وسائل ثقافية وإعلامية وأساليب حديثة تؤدي الهدف المرجو منها وتغيير النمط المتبع حاليا في إيصال الأفكار والرسائل إلى الملقين وبهذا الشأن يجب على القائمين على الإعلام الرسمي بمختلف تسميات أشكاله استحداث الطرق الجديدة في التعامل مع المواطن المتلقي بدلا من تلك التي عفا عليها الزمن وأصبحت في خبر كان مقارنة بما نشاهده ونسمعه في الوسائل الإعلامية الأخرى في دول العالم وأن يعمق من اتصال وسيلته الإعلامية بالمشاهد والمستمع على غير ما جرى اتباعه من روتين في برامج ورسائل ولأن الشيء بالشيء يذكر .. هناك اختصاصات محددة للمستشارين الخاصين برئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأخرى للناطق الرسمي باسم الرئاسة أو مجلس الوزراء ويتم العمل بها بوضوح في الدول الأخرى إلا في بلادنا حيث اختلطت المهام وغابت الرؤى وأضحى كل منهما يحل محل التالي أو يقوم بمهامه ولأن الزملاء ” المستشارين ” من طليعة مثقفي البلاد وإعلامها وكذلك الحال بالنسبة ” للناطقين” باسم هذا الإطار القيادي أو ذاك فإنني أدعوهم بحب إلى مراجعة واجبات المستشار والناطق من خلال النصوص والوثائق الخاصة بمهمتيهما وهي كثيرة ويستطيع قراءتها عبر ” الانترنت ” وعندها سيدركان أن كثيرا مما يقومان به لا يمت بصلة إلى المهام الواجب أداؤها وإنهما في كثير من الأحيان يلغيان اختصاص وعمل جهات أخرى ربما بعلمها أو دونه (أعني باستخدام “المثنى” هنا وظيفتيú (المستشار) و (الناطق) بصرف النظر عن مكان العمل.