ما يقوله الشارع..
جميل مفرح
> غريب.. وغريب جدا ما يحدث من قبل مختلف القوى السياسية التي تتنازع المشهد السياسي اليمني في شكل تجاذب لأطراف الوطن كل يشد باتجاهه دون خشية على بدن هذا الوطن من أن يغدو ممزقا نظرا لما أبدوه ويبدونه من تعنت مفرط يتجاوز مستويات الأنانية الطبيعية ويصل حد العناد والمكابرة وإن يكن على حساب أي شيء حتى سلامة الوطن واستقراره والغريب بل والأكثر غرابة أن هذه القوى أو الأطراف تمتثل في كثير من توجهاتها وطروحاتها للمصلحة العامة وتقبل بما يطرح عليها من آراء تملي ضرورة التفاهم والتجاوز والتوافق تحت مظلة المصلحة العامة للوطن والمواطن ولكنها سرعان ما تعود وتهدم كل ما بنته مع اضدادها أو منافسيها وحتى مع نفسها!!
> فكم احتاجت الأزمة التي شهدها الوطن وما يزال يعانيها من الوقت والجهد والإعياء حتى توصلت إلى قبول هذه القوى والأطراف على الالتقاء والتفاهم والتحاور ووافقت على إقامة مؤتمر حوار وطني شامل تطرح على طاولته كل القضايا والمشكلات العالقة دون استمرار بناء الوطن ونجاح العملية السياسية وكم اختلفت واتفقت وتنازعت وتواجهت هذه الأطراف لتصل في النهاية إلى مخرجات تم التوافق عليها والقبول بها من الجميع لا شك وكلنا متابع ومدرك كم تطلب ذلك من الجهد والصبر والعمل السياسي ومحاولات الوصول إلى نقاط الالتقاء والابتعاد والنأي عن نقاط ومناطق الاختلاف ما أمكن ذلك وهو ما أفضى في الأخير إلى الخروج من المؤتمر بالصيغة والشكل اللذين خرج بهما على المجتمع اليمني والمجتمع الدولي الباذل والراعي لتلك الجهود الجبارة.
> بالطبع لن اتساءل ماذا بعد فكثير وكثير جدا ما تساءلت وتساءل الكثيرون من عامة وخاصة أبناء الوطن ولكني مضطر ككثيرين غيري أن أطرح تساؤلات أخرى والتساؤلات لا تكاد تنتهي أو تعدم نظرا للواقع المعاش في الوقت الحالي فما هو ملاحظ هنا وفي هذه المرحلة المعقدة للغاية أن توقعاتنا المتشائمة تكاد تصدق أو تتجسد خصوصا حين نلاحظ أن مخرجات الحوار الوطني كانت وما تزال حتى اللحظة مجرد نصوص مكتوبة مقروءة لا أكثر وأن القوى السياسية المختلفة تبدو وكأنها إنما رضيت وقبلت بما ورد فيها من باب إسقاط واجب أملي عليها وحتى لا يقال عنها أنها حجر العثرة التي تعترض العملية السياسية ملقية بكل ما تستطيع من أثقال وعثرات وأخطاء ما يجري على القوى المضادة أو المنافسة في الساحة لتبقى العملية السياسية أو تعود إلى طور البدايات الأولى والتعارك السالف!!
> والمتابع والملاحظ بمجريات الأحداث والمتغيرات يجد أن تلك القوى خرجت من المؤتمر وهي على ذات المثوى من المواقف والتعبئات والتشدد تجاه بعضها البعض وها هي تعود إلى ساحة السياسة مستمرة عن سواعدها للاطاحة ببعضها فقط كهدف أوحد وحيد للخروج من المأزق الكبير الذي يعيشه الوطن مصورة أنها الحل الأوحد والخلاص الوحيد لرجوع الوطن إلى حياته الطبيعية المستقرة متناسية كل ما تم التحاور والتلاقي والتفاهم حوله ومعتقدة بل ومصورة للعامة والخاصة أنها على أكمل أوجه الحق وأن القوى الأخرى هي التي تقوض كل ما بني وهي من تضع العثرات والشفرات في طريق التسوية السياسية التي تمثل خلاصا حقيقيا للوطن!!
> ومن ذلك يبدو أن هذه القوى والأطراف في مجملها تري لنا حقا العودة إلى خانة أو منطقة الصفر أو كأنها استمرت واستحلت ما سمي بالحوار الوطني وتزيد تكراره أو أعادته من البداية وذلك يدفعنا إلى الاستغراب والتساؤل حول ما يكن أن تحققه هذه القوى من إعادة اللعبة من بدايتها وإعادة العملية السياسية والوطن برمته إلى البداية أو ما قبل البداية فلا أعتقد أن في ذلك ما يخدمها أو يحقق لها مصالح سياسية أو نفعية من نوع ما أكثر مما كان يتقاضاه ممثلوها من أجرة يومية للحفاظ على وطنهم من الانهيار وهذا باعتقادي ليس هدفا جوهريا ولا غاية أساسية إلا أن العامة والخاصة في صفوف الشعب بدأت تنظر إليها كسبب رئيسي للعرقلات والعثرات التي تقف وراءها القوى السياسية.
> ومن هنا فإنني وبشكل شخصي أدعو هذه القوى إلى أن تنزل إلى الشارع وتتلمس آراء ومعتقدات المواطنين لترى أن العامة غير راضية عن مواقفها وتحركاتها وعملياتها السياسية برمتها وأنه تم تناقل مثل هذه الأفكار المخزية جدا عمن شاركوا في المؤتمر وانعقدت عليهم كبريات الطموحات والآمال للنفاذ بالوطن من مهالكه.. والله من وراء القصد.