فرادة الإنجاز وعظمة المنجز

بقلم/ رئيس التحرير

 - كثيرة هي  فترات الهمود والتراجع وأزمنة المحن التي  لطالما عركت اليمانيين على مدار التاريخ ولكنهم ما استكانوا لبأسها يوما أو هادنوها فكانت لهم مآثر

كثيرة هي فترات الهمود والتراجع وأزمنة المحن التي لطالما عركت اليمانيين على مدار التاريخ ولكنهم ما استكانوا لبأسها يوما أو هادنوها فكانت لهم مآثرهم الخالدة حضارة وإنجازا فهم الشعب الذي أبدع المسند وشيد السد والأمة التي أرست دعائم الشورى السياسية والموطن الذي ما انفك يصد الغزاة عن حماه ويروض الصخر الأصم ليصبح رياضا قطوفها دانية.
شعب أسلم برسالات ربه وسالم نفسه وغيره في أغلب منعطفاته التاريخية شعب صاغ من طينة التسامح ضمادا لانكساراته واغترف من ينابيع جباله وصحاريه كأس المحبة والسلام وكل القيم الإنسانية شعب فيه يبتدأ القول إن استفاض المادحون وعنه ينتهي.
ومن هذا المنطلق الحضاري والقيمي فليس غريبا اليوم على اليمن أن يمضي على ذات النسق الخلاق يلملم أوجاعه ويطبب جراحه رافعا راية المستقبل على طاولة فريدة ومتفردة أبدعها للحوار الوطني معلنا للعالم أجمع أنه طوى إلى غير رجعة حقبة زمنية وراء ظهره بخيرها وشرها بأفراحها وأتراحها معترفا بأخطائها الجسام ونهاياتها المؤلمة فاتحا على آثارها المتلاشية صفحة أخرى في كتاب التاريخ عنوانها العريض” آمال جيل جديد تواق للحياة الكريمة في ظل دولة العدل والوئام”.
نعم اختلف أبناء البلد الواحد وتنازعوا ثاروا وانقسموا احتربوا نصبوا المتارس وتسيد البارود أرصفة الأحلام حينا من مواقيت المخاض في السنوات الثلاث ضجت خلالها الأفئدة وسال الدم النفيس بالغي والباطل وكان الشعب حنجرة واحدة تندب أخا قضى هنا أو فلذة كبد ضمرت أشلاؤها هناك إذ استذأبت أيادي القتل وأرادت أن تستمر.
في تلك اللحظة المصيرية كان حتميا على حكمة اليمانيين – وهي ميراثهم الروحي الأثير – أن تحضر عاجلة غير آجلة لتكمم دونهم فوهات الهاوية الفاغرة وتكف عنهم نذر الهلاك المبين وكان لها ذلك متجسدة في إرادة شعب غلب الحياة على الموت وفي بصيرة قائد وطني شجاع ورجل استثنائي ليس في وجدانه سوى اليمن اسمه الرئيس عبدربه منصور هادي.
نتذكر جيدا كيف هرع المجتمع الدولي وجلا من قنبلة موقوتة جنوب الجزيرة العربية تهدد سكينة مصالحه العابرة من عتبات البوابات المالحة للأرض السعيدة كما لا ننسى مطلقا كيف حضر قبله الأخ الشقيق والجار القريب والكل تغمره اللهفة على مصير شعب مثخن بالفقر والسلاح والحاجة والأطماع تتنازعه في الوقت ذاته رغبات قوى مدججة بثارات التاريخ وعاديات السياسة وعداواتها.
كان للهلع مايبرره ما جعل الدور الإقليمي والدولي رافعة قوية لدعم تلك الإرادة التي تخلقت في أذهان الأطراف السياسية جميعها دون استثناء لتمضي إلى نهاية المطاف حيث يحتفي اليمنيون هذه الأيام بحصولهم على جائزتهم الأثمن متمثلة في هذه الوثيقة الوطنية الجامعة المانعة في توصيفها للمستقبل الذي ينشد للدولة اليمنية أن تكون عليه في عدالتها وقوتها وحكمها الرشيد.
لقد ارتفعت راية الحوار وانتصر حاملوها على رغم الشكوك التي ساورت من يرقبها وجاء المبعوث الأممي وغادر لأكثر من 26 جولة مكوكية لصنعاء وكانت معجزة سطرت القوى الخيرة كل حرف فيها احتدوا على بعضهم بصفتهم بشرا رفعوا أصواتهم حينا انسحبوا وعادوا أحيانا اشتبكوا ورفضوا عارضوا واعترضوا لكنهم توافقوا واتفقوا.
أسابيع طويلة وأشهر عشرة وقبلها نحو نصف عام من التحضير والتهيئة المحكمة تسع فرق للحوار ومجموعات أصغر تفرعت عنها نقاشات ندوات فعاليات مشاورات جدل خلاف وصولا إلى هذه اللحظة التي توجت حصاد الأيام والليالي في حضرة اليمن الواحد والموحد.
لا يمكن أن يقال أي شيء أبلغ من أن اليمنيين قدموا للعالم بنجاح حوارهم الوطني تجربة إنسانية وحضارية رائدة في انتظار أن يثبتوا له أيضا خلال الأشهر المقبلة أنهم على قدر المسؤولية الوطنية والأخلاقية وأهل للحكمة والصبر وذلك بإعلانهم انبثاق عصر جديد مكتمل الأركان زاهي الصفات للدولة الوطنية العصرية والحديثة وهو أمر غير عصي على شعب عصرته التجارب حتى ملها وخبرته الملمات والصعاب حتى ما عاد يلقي لها بالا.
نصف المسافة حتى الآن وهو الأصعب والأخطر اجتازه اليمن بنجاح في طريق التغيير السلمي والتأسيس لدولة أكثر نضارة وأمتن جوهرا وليس بمستحيل أبدا أن يجتاز النصف المتبقي بذات الروح من الإرادة والحكمة والتعقل والحزم التي أبداها الرئيس هادي وتمثلها بصدق ووطنية منقطعة النظير خلال أشهر الحوار ويستحق عليها العلامة الكاملة في النجاح وذلك ما يراهن عليه الشعب الذي صبر بما فيه الكفاية وينتظر أن يحصد مكافأته وط

قد يعجبك ايضا