الرئيس هـادي… وملفات نصف قرن

محمــــد محمـــــد إبراهيـــــم

 -  (لدى الرئيس عبد ربه منصور هادي إحدى أصعب الوظائف في العالم. أنا لا أحسده على ذلك. هناك آمال وتوقعات كبيرة مرجوة منه. من قبل الشعب اليمني ومن المجتمع الدولي. التنفيذ لن
محمــــد محمـــــد إبراهيـــــم –

mibrahim734777818@gmail.com
(لدى الرئيس عبد ربه منصور هادي إحدى أصعب الوظائف في العالم. أنا لا أحسده على ذلك. هناك آمال وتوقعات كبيرة مرجوة منه. من قبل الشعب اليمني ومن المجتمع الدولي. التنفيذ لن يكون بالسرعة التي يريدها أي منا..).. بهذه العبارات اختزلت سعادة سفيرة المملكة المتحدة البريطانية بصنعاء جون ماريوت – في حديث سابق أجريته معها ونشر في الثورة- التفاصيل المتشعبة والتحديات الأصعب في طريق نجاح مهمة هادي التاريخية الأشبه بالمتاهات..
ورغم أن هذا التعبير الإداري الدقيق عكس اهتمام كبير والمام دبلوماسي متابع لما يواجه اليمن من تحديات وما يجري فيها من تحولات إلا أن ما قالته «ماريوت» من عبارات بالغة التأثير وجزلة الدلالة تجعلنا ننظر بعقل وحكمة وتقدير لما ألقي على عاتق الرئيس هادي المميز بالصمت السياسي والصبر في أحلك الظروف واخطرها..
المشهد.. بسيطا يبد أمام المنظرين وأصحاب «عقدة وهم الكمال» لكنه أصعب بكثير مما يتوقعه المنتظرين في السرب لما سيخرج به الحوار الوطني من انتصارات نصية ومحددات دستورية ستكون لصالح هذا أو ذاك.. ولم يسأل أحد نفسه : ما العائق الأول أمام ترجمة هذه النصوص والمحددات والقرارات إلى واقع عملي¿.. ومن سأل سيجد جوابا ناجزا في سجل الماضي – المتهم دائما- فاليمن لم تحتقن بأحداث 2011م وحرب صيف 94م وحروب صعدة الستة فقط .. فهذا ليس سوى المشهد الطافي على سطح نصف قرن تخشبت في مياهه كوارث السياسة وأخطائها وصار في العمق اشتباك عصي على الاقتلاع وبالتالي استحالة حلحلة جذور تلك المعضلات دون تغيير الصور الذهنية والبنية المعرفية والثقافية والفكرية في البلد وهو الهدف الذي يفصلنا عنه طابور من العقود..
قد يفترض البعض على الرئيس هادي الضرب بيد من حديد في كل مفاصل الخلل الإداري والأمني للمجتمع وقد ينجح الرئيس هادي في تحقيق ذلك لكن النتيجة تظل محكومة بملفات كبرى تتصل بثقافة القانون واحترام الدولة ومبدأ العدالة والمساواة وهي الركائز الغائبة من المشهد الذهني لدى اليمنيين فكل قبيلة أفضل من قبيلة وكل شيخ أفضل من شيخ وكل فرد أفضل من الآخر.. ولم يستشعر أحد أنه يتساوى مع فلان في الحق والواجب ويتوج هذا الواقع البنيوي الاجتماعي الواسع بقوى سياسية وقبلية هي الدولة وهي غيابها.. (الداء والدواء)..
المعضلة الأكثر فداحة بل وسببا في ضياع فرص النهوض هي التسليم الشكلي بكل التحولات والقرارات الشجاعة التي ينتهجها الرئيس عبد ربه منصور هادي- رئيس الجمهورية- من قبل كل شائح المجتمع من القاعدة الجماهيرية إلى قمة الهرم بل ومداهنة تلك الخطوات بخطابات إعلامية مؤيدة فالنقاط الـ(20) والـ(11) والقرارات الجمهورية الشجاعة على طريق التسوية السياسية مرحبا بها من كل القوى السياسية والقبلية والعسكرية ولكن ليس لها أثر على أرض الواقع فيما الوقت يحز في عنق الحاضر والرئيس هادي يمضي بعزم وحياد وحذر فالتسوية السياسية تقتضي الوقوف على مسافة واحدة من كل تلك القوى وهذا ليس بالأمر السهل خصوصا في بيئة سياسية تنتظر أصغر الأخطاء لتوظيفها لصالحها..
ومن شغل بالحوار الوطني كمصلحة يظن إن نجاح الحوار هو المشروع الوحيد للرئيس عبد ربه منصور هادي لكن من أمعن النظر والقراءة المنصفة والصائبة سيجد أن هادي تحمل ما رفضه الكثير من الرؤساء السابقين في جنوب الوطن وشماله باستثناء على عبدالله صالح- الرئيس السابق- الذي حمل العبء برمته وبذل جهود لا ينكرها أحد خلال 33 سنة لكن «شعرة معاوية» غذت المشكلات فاستشرى سوس الفساد وغاب القانون ووقفت الدولة عن الحدود الدنيا لبنية المجتمع ولم تصل قمة الهرم «المشúيخي».. فصار الحال إلى ما نحن عليه اليوم..
لقد ارتضي الرئيس هادي حمل العبء في الوقت الذي اتخمت فيه الفترة الزمنية العصيبة بملفات شائكة أغلبها بدأت في السبعينات وتراكمت إلى العام 2011م.. ليجد هادي نفسه أمام ملف الأراضي الذي بدأ بالتأميم وصراع الرفاق في جنوب الوطن واستفحل بعد صيف 94م حيث غياب الدولة وطغيان النفوذ وملف معالجة وجبر أضرار الغبن السياسي الذي طال السبعينات والثمانينات والتسعينات وصولا للعام 2011م وكذل ملف استعادة السكينة والأمن والاستقرار وفوق هذا ملف الحرب الكبرى مع الإرهاب عدو الإنسانية والعالم..

قد يعجبك ايضا