غياب السلطة المحلية واستبداد السلطة المركزية..!!
عبدالرحمن سيف إسماعيل
أثار نظام السلطة المحلية حالة من الجدل والتساؤلات.. باعتباره قدم للناس على أنه نظام لامركزي.. جاء على خلفية حرب 1994م مانتج عنه من إقصاء وإلغاء للآخروتقويض العمليات الديمقراطية والحريات العامة .. فقد صدر قانون السلطة المحلية رقم(4) لسنة 2000م.يتضمن العديد من المضامين والمفاهيم الجديدة والتي فهمت على أنها تحول حقيقي في عقلية السلطة المركزية وخلق شراكة حقيقية مع المجتمعات المحلية .
ولهذا ترتب على إصدار القانون أصداء واسعة .. سيما وأن المنظمات المانحة قد تقبلت هذا الأمر بنوع من الارتياح واعتبرته تحولا حقيقيا في عقلية الحاكم وقدمت مساعدات سخية في هذا الإطار .. إلا أن ذلك كشف عن زيف مصداقية السلطة وما ينطوي عليه من مزاعم وأكاذيب.
فاللامركزية أصبحت في القانون وفي النظام الجديد مركزية شديدة يختفي تحت المادة (4) التسلط والاستبداد السلطوي المركزي ولكي نسلط الضوء على حقيقة هذا النظام سنقوم بقراءة سريعة لبعض نصوص القانون.بتوضيح بعض القضايا الجوهرية ..
فنظام السلطة المحلية في اليمن جمع بين ثلاثة مكونات أساسية حددتها المادة(3) من قانون السلطة المحلية بالقول تتألف السلطة المحلية من رئيس الوحدة الإدارية و المجلس المحلي والأجهزة التنفيذية للوحدة الإدارية التي تعبر عن سلطة الوحدة الإدارية. وهي على النحو الآتي: رئيس الوحدة الإدارية: أمين العاصمة محافظ المحافظة مدير عام الوحدة الإدارية.. حسب الأحوال.
المجلس المحلي : المجلس المحلي المنتخب على مستوى الوحدة الإدارية
الأجهزة التنفيذية: مكاتب وفروع الوزارات والمصالح وسائر الأجهزة الحكومية في الوحدة الإدارية.
وهذه المكونات الثلاثة يهيمن عليها رئيس الوحدة الإدارية بقوة القانون فهو في الوحدة الإدارية يمثل السلطة المركزية ممثلة بشخص رئيس الجمهورية وهو المخول بالتعيين و العزل ..ورئيس الوحدة الإدارية يمثل الهيمنة والقوة والوجاهة.
والمجلس المحلي المنتخب هو أضعف الحلقات المكونة للسلطة المحلية. وهذا الضعف يعبر عن واقع الطرف الأخر في المعادلة السياسية والإدارية وهو المجتمع المحلي ناهيك عن كون المجلس المحلي المنتخب اختزل دوره إلى أربعة أشخاص فقط هم : الأمين العام نائب رئيس الوحدة ورؤساء اللجان التخصصية الثلاث:
• لجنة التخطيط والمالية.
• لجنة الخدمات .
• لجنة الشؤون الاجتماعية.
وهم القيادة اليومية للوحدة الإدارية.. ويظهر على الدوام إنهم منقادون من قبل رئيس الوحدة الإدارية محافظ أو مدير مديرية.. نظرا للوعي القائم والذي تكرس على مدى سنوات طويلة بأن رئيس الوحدة الإدارية هو ممثل فعلي لرئيس الجمهورية ولا يمكن أن يكون رئيس الوحدة الإدارية ممثلا لرئيس الجمهورية ولسكان الوحدة الإدارية في وقت واحد.. ولا يمكن أيضا أن يكون المجلس المحلي مراقبا ومحاسبا ومنفذا في وقت واحد وهو في حالة من الضعف والانقياد والتبعية.
وقد استثنى القانون من سلطة الوحدة الإدارية أجهزة السلطة القضائية ووحدات القوات المسلحة وفروع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فيما يتعلق بأدائها لمهامها الرقابية وكذا المرافق ذات الطابع العام على المستوى الوطني ويصدر بتحديدهما قرار جمهوري.
وربما إن الاستثناء لهذه الأجهزة في مجتمع قبلي متخلف يهدف إلى المزيد من السيطرة الحكومية على سلطة الوحدة الإدارية وربطها بصدور القرار.. وهذه العملية إنما تعبر عن سيطرة المركز وإضعاف للسلطة المحلية.
ونظرا لحالة التجاذب التي سادت أطراف السلطة المحلية خلال فترة نشاطها الأولي التي أعقبت انتخابات 20 فبراير 2001م أعادت السلطة النظر في بعض جوانب القانون بل أنها جاءت بصياغة جديدة له يصل حد الإلغاء الكامل للقانون .. إلا أن هذه التعديلات جاءت بهدف تعزيز دور السلطة المركزية.. بما فيها مشروع انتخاب رؤساء الوحدات الإدارية وجاء مقترح التعديلات بشروط وعقبات جديدة لا تتوفر إلا بأشخاص محدودين جدا ممن هم في فلك السلطة وقريبون من مصدر القرار السياسي.. وبالتالي تحرم عددا واسعا من أبناء الوحدة الإدارية من حق الترشيح لمنصب المحافظ مثلا.. وهو مخالفة صريحة لدستور الجمهورية اليمنية الذي يعطي حق الترشح والانتخاب للجميع .. فمقترح التعديلات على قانون السلطة المحلية حدد شروط الترشيح على النحو الآتي:
للمواطنين جميعا في الجمهورية حق ترشيح أنفسهم للانتخابات لمنصب المحافظ في أي محافظة متى توافرت في أي منهم الشروط التالية:
1-أن يكون يمنيا.
2-أن لا يقل عمره عن(40) سنة.
3-أن يكون