الإدارة الإدارة

علي بارجاء


 - بينما نريد لبلادنا التقدم والرقي والرفعة, يأبى من يتولى شؤونها إلا أن  تحل دائما في المراتب المتأخرة في التصنيفات الدولية السنوية في تحقيق الجودة قياسا بغيرها من دول العالم في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتم
بينما نريد لبلادنا التقدم والرقي والرفعة, يأبى من يتولى شؤونها إلا أن تحل دائما في المراتب المتأخرة في التصنيفات الدولية السنوية في تحقيق الجودة قياسا بغيرها من دول العالم في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والخدماتية على مستوى الوزارات والمؤسسات, مع كون بلادنا متفوöقة على مستوى الأفراد الذين يكون لهم قصب المبادرة و السبق في المحافل العربية والدولية في المسابقات والمشاركات; مما يدل على أننا نمتلك طاقات بشرية فاعلة وخلاقة مبدعة قادرة على تحقيق نجاحات مبهرة.
معاناتنا ومشكلاتنا الظاهرة في ما تعانيه مؤسساتنا على المستوى الوطني والمحلي كامنة ضعفا في أداء العمل يعود إلى ضعف ورداءة الإدارة إن وجد منها شكل من الأشكال, فلا يزال رأس المؤسسة هو المتحكم الناهي الآمر في كل كبيرة وصغيرة, ولم تعط الصلاحيات للإدارات والأقسام, ولا توجد خطط سنوية مدروسة تحدد أولويات العمل, وتتداخل الصلاحيات بين أكثر من مؤسسة, وهذا ما يجعل المواطن الذي يريد أن يحل مشكلاته, ويتابع مصالحه إلى اللجوء إلى الجهات المسؤولة الأعلى فالأعلى, ليحصل على التوجيهات للجهات الأدنى فالأدنى.
مشكلاتنا هي في الإدارة التي لا تزال تمارس أعمالها بأساليب تقليدية تجاوزها العالم المتطور, الذي أحس بأن أكبر معوقات التطور والبناء يكمن في تخلف الإدارة نفسها. ولم ينطلق إلى ما نراه من تقدم إلا حين غير وطور من أساليبها, وجعلها إدارة علمية تقوم على الخلق والإبداع, وتبتعد عن المعوقات, وتعتمد على كوادر تكنوقراطية من الشبيبة, فكم سمعنا عن مصطلح (التشبيب) ولا زلنا نرى الأمر في يد العجائز, بل لا يزال الأمر يوكل إليهم حتى اليوم.
مثل هؤلاء العجائز بل حتى الكهول لم يعودوا قادرين على مواكبة العصر الذي يتقدم كل ثانية, ولم يعودوا قابلين لاستلهام المنجزات الحديثة في العمل الإداري والفني, وظلوا يعملون على نفس الوتيرة القديمة التي يغلب عليها الروتين الممل والأفق الضيق والتكرار, وبنفس النفسيات بتعقيداتها التي تراكمت عبر السنين, وعدم تقبل أية اقتراحات جديدة, وهي إما بيد غير المختصين أو غير المدربين تدريبا عاليا, كالتدريب الذي نقرأ عنه في دولة الإمارات العربية المتحدة وبخاصة في دبي, التي تعتمد على الكوادر العلمية الخبيرة الوافدة من دول شرقية أو غربية.
أما في حال بلادنا فإن التوظيف في هذه المؤسسات وفروعها في المحافظات تغلب عليه المحسوبية والوساطات وإيثار ذوي القربى على حساب المتقدمين منتذوي الخبرة والتخصص, ابتداء من الفراش وحتى مدير مكتب المسؤول الأول, وهؤلاء هم الدينمو المحرك للعمل الذي ينبغي عليهم تحويل العمل الإداري إلى فعل وإنجاز يتسمان بالخلق والإبداع.
وفي أحيان كثيرة لا نجد لدى المختصين أنفسهم القدرة على الإبداع وابتكار أفكار جديدة تطور العمل وتحسن من جودته, بل تنتكص وتتجه إلى الاتكالية إيثارا للراحة, طالما أن المرتبات الشهرية لا تفي بتوفير حياة كريمة لهم.
ولنسأل أنفسنا, كم من موظف حكومي يمارس إلى جانب عمله الإداري أو الفني في مؤسسة حكومية, عملا آخر في أوقات فراغه في مؤسسة أخرى ليوفر له دخلا إضافيا¿
المشكلة في بلادنا وفي تخلفها الذي يزداد انحدارا كلما تقدم الزمن هي في كل ما ورد من الأسباب إضافة إلى سوء منظومة العمل الإداري نفسه, والسياسة الإدارية التي أفسدتها الإدارة السياسية, وتداخلت فيها المصالح المختلفة للأحزاب المتصارعة في السلطة وخارجها.

قد يعجبك ايضا