ألا نعتبر بما يحدث في جنوب السودان¿

د. عبدالعزيز المقالح

 -    السؤال موجه إلينا جميعا نحن أبناء اليمن الواحد هذا الذي كان واحدا منذ بدأت البشرية في تكوين نفسها والتوزع إلى أوطان, وأقاليم. وما يحدث الآن في جنوب السودان المنفصل منذ عامين فقط كيانه الكبير هو الدرس الأخير وليس الأول لمن ير

السؤال موجه إلينا جميعا نحن أبناء اليمن الواحد هذا الذي كان واحدا منذ بدأت البشرية في تكوين نفسها والتوزع إلى أوطان, وأقاليم. وما يحدث الآن في جنوب السودان المنفصل منذ عامين فقط كيانه الكبير هو الدرس الأخير وليس الأول لمن يريد تقسيم وطنه والعودة به إلى عصر الدويلات والسلطنات. والتجربة السودانية تؤكد الآن بكل وضوح أن ما حدث من فصل جنوب السودان عن شماله كان خطأ استراتيجيا فادحا سيظل يعاني منه السودان وجنوبه خاصة لعشرات وربما مئات السنين. ولم يكن خافيا أن الاستعماريين عملوا على مدى قرن كامل لفصل جنوب السودان عن شماله وتركزت اهتماماتهم على انشاء المدارس التبشيرية ونشر اللغة الإنجليزية وإعداد قادة الانفصال منذ وقت مبكر ونجحت تلك القوى بعد جهد طويل في مهمتها وإقامة دولة في الجنوب معترف بها من الأمم المتحدة بوصفها دولة ذات كيان مستقل وسيادة تامة.
لكن الصادم لكل المخططات أن الانفصال المعترف به لم يحل المشكلة بل ضاعف من تداعياتها وترك شرخا كبيرا في النفوس وفي الواقع بدأ الإحساس بالفراغ منذ أول يوم للتقسيم وظهر الانفصال على حقيقته: ضعفا في الشمال وما هو أكبر من الضعف في الجنوب الذي وضعه قادته الانفصاليون في مهب العواصف. وكان العقلاء من الجنوبيين وفي مقدمتهم القائد الراحل جون قرنق يرى في الانفصال –إن حدث- ضربة قاصمة لجنوب السودان بشكل خاص على الرغم من أن ذلك القائد قد ترعرع في أحضان الاستعماريين وتحت رعايتهم إلا أنه كان يدرك خطورة ما يعد له أعداء وحدة البلاد فنأى بنفسه عن تخريب وحدة السودان الكبير. وربما كانت نهايته الغامضة تسريعا لتحقيق مخطط الانفصال. وقد حدث وجاء اليوم الذي تثبت فيه الأيام أنه لن تقوم قائمة لسودان انفصالي وأن اتساع الأوطان يحقق لأبنائها مزيدا من الأحلام والطموحات ويجعل البلد مفتوحا لمزيد من الأنشطة والاستثمارات وهذا ما كان يفسر وجود العدد الكبير من الجنوبيين في الشمال وفي الخرطوم العاصمة على وجه الخصوص. وهنا يمكن القول أن ما يحدث في جنوب السودان المختلف عن شماله لغة وعرقا ودينا يشكل عبرة لنا جميعا نحن الإخوة المتجانسين تاريخيا ولغة ودينا. والعاقل
–كما تقول الحكمة- من اتعظ بغيره. وقد كانت هناك وما تزال مطالب يقف عندها العقلاء ويؤيدونها تأييدا تاما وهي تدعو إلى تصحيح الاختلالات والالتزام بمفهوم المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات وتشكل الهدف الجامع بين العقلاء في الجنوب والشمال ولا مكان لتحقيقها عن طريق ركوب موجات الهبات الجماهيرية العفوية وما يرافقها من انفعالات خارجة عن حدود العقل والمنطق. لقد توحد النظامان السياسيان في الثاني والعشرين من مايو 1990م انطلاقا من الإيمان التام بوطن كان موحدا عبر التاريخ في اسمه وفي وجدان مواطنيه. وإذا كانت قد حدثت أخطاء فادحة وتجاوزات غير مقبولة فإن وقوعها لا يدعو اطلاقا إلى ما يسمى بفك الارتباط أو التنكر لمبدأ الوحدة التي لم تكن في يوم من الأيام ملكا للمتنفذين ولا هدفا من أهدافهم ولو قد كانت كذلك لما تنكروا لها وساعدوا على افراغها من معانيها.
الوحدة إذا هي الهدف الوطني الاستراتيجي لكل أبناء اليمن على اختلاف انتماءاتهم وهي صمام الأمان السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإصلاح الانحرافات التي أصابت دولة الوحدة هي الغاية من وراء كل تحرك إيجابي بما في ذلك المظاهرات والاعتصامات السلمية والتعبير بمختلف الوسائل المعقولة والمقبولة وطنيا وأخلاقيا. وهذا لا ينفي وجود فئات عاطلة فوضوية لا علاقة لها بالأحزاب ولا بالحراك وهي تنتظر حالة الانفلات والمشاركة في المظاهرات لتقوم بالتخريب والانتقام من الوطن كما لا يجوز اغفال فئة المندسين الذين يعملون لصالح قوى خارجية من مصلحتها أن تظل البلاد في حالة من الفوضى والتشرذم وإضعاف كيان الدولة وهذه الفئات هي التي ينبغي أن تضرب بيد من حديد وهي بالتأكيد وراء مجمل الاعتداءات وإحراق بعض دكاكين المواطنين ورفع الشعارات المعادية والمنافية لكل المعاني الأخوية كما تتعارض مع مفهوم الوحدة الوطنية . تلك التي استقرت في قلوب اليمنيين منذ آلاف السنين.
الأستاذ علي محمد صبره وقصيدته المطولة «يا مصر»:
لمصر العربية مكانة خاصة في قلب كل عربي وما من قطر من أقطار الأمة إلا وهو مدين لها بالفضل سواء في تاريخها القديم أو الحديث. وفي أعناق اليمنيين دين ستظل تحمله الأجيال إلى ما شاء الله من الأزمان وفي القصيدة الم

قد يعجبك ايضا