الفيدرالية
حسين محمد ناصر
كتب الأستاذ محمد الحاج سالم رئيس دائرة الثقافة برئاسة الجمهورية مقالا نشره أحد المواقع الإخبارية مؤخرا وقد لفت انتباهي في المقال تلك الإشارة التأكيدية التي تتعلق بنظام الفيدرالية في اليمن: حيث أكد أن لا مخرج لليمن من هذه الأوضاع المزرية التي يعيشها سوى الأخذ بنظام الفيدرالية مشيرا إلى أن أغلب دول العالم مقامة على أساس هذا النظام.
والحقيقة أن هذه رؤية تم طرحها وتداولها مؤخرا في أكثر من مكان وملتقى وعلى أكثر من طاولة حوار وانقسم المناقشون والمعنيون حولها: حيث يرى البعض أنها فيدرالية ينبغي أن تكون من إقليمين بينما يرى بعض ثان أنها يجب أن تحوي (5) أقاليم وذهب بعض ثالث إلى جعلها (21) إقليما بعدد المحافظات القائمة الآن.
وبالأمس القريب كان فريق الأخ محمد علي أحمد يجتهد في حواره مع أطراف أخرى تحاوره على أن تكون الفيدرالية من إقليمين وهي وجهة نظر ومطلب يعبران عن جمهور واسع من أبناء محافظات الجمهورية وهناك جمهورية عريضة أخرى يرفض أبناؤها هذه الفيدرالية ويطالبون باستعادة دولتهم مباشرة أي “الانفصال”.
إن مشاركة الحراك الجنوبي الذي يمثله فريق محمد علي أحمد في مؤتمر الحوار جاء بعد تأكيدات رسمية محلية ودولية أن لا سقف للنقاش الذي سيتم في إطار المؤتمر وسمعنا هذه التأكيدات مباشرة قبيل وأثناء الأيام الأولى للحوار وهي موثقة في الصحف ووسائل الإعلام.
وعلى ضوء ذلك عاد الأخ محمد علي من بلد منفاه السياسي إلى صنعاء ليقود مؤتمر شعب الجنوب في مؤتمر الحوار ولكن بعض الأطراف التي شاركت مشاركة فصالة في صنع الأوضاع القاسية في الجنوب تأتي- كما أكد أحد الإخوة المشاركين في المؤتمر ان يخرج مؤتمر الحوار بحل يرضي أبناء المحافظات الجنوبية والأغلب أنه لن يكون كما قال الأخ – محمد الحاج- إلا نظام الفيدرالية.
لقد نبهنا في مقال سابق إلى ضرورة التعامل الجاد والصادق مع موضوع القضية الجنوبية وأن يتم النظر جيدا لما يطرح من مطالب سياسية وحلول تنبع من الشارع الجنوبي وأضحت تشكل قناعة راسخة تقريبا بين أوساط الناس هناك وأن تكون مخرجات مؤتمر الحوار ملبية ولو بحدها الأدنى لتلك التطلعات والمطالب بدلا من الهروب منها ودفن الرأس في الرمل كون ذلك لا يحل القضية ولن تكون لأية حلول جاهزة ومتعسفة للواقع النجاحات المرجوة التي تعيد للمواطنين في المحافظات الجنوبية ثقتها بالدولة الجديدة وتلبي تطلعاتها بالعيش في أمن واستقرار وعدالة بعيدا عن التهميش والظلم الدولة التي قال عنها الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي إنها دولة لا غالب فيها ولا مغلوب ولا ظالم ولا مظلوم. محمد علي أحمد.. جاء مشاركا في مؤتمر الحوار رغم معارضة ورفض جميع مكونات الحراك وانسحابه بالأمس جاء ليعزز نظرة تلك المكونات التي ترى أن لا جدوى ولا حل حقيقي للقضية الجنوبية سيسفر عن المؤتمر.
ويكفي (وفقا لمنطق فريق محمد علي) أن تكون مشاركته في الحوار قد أسهمت في إيصال القضية الجنوبية إلى المحافل العربية والدولية وتقديم ملفاتها إلى اللاعبين الرئيسيين في هذا العالم وسنرى في الأيام القادمة كيف سيتعامل أعضاء مؤتمر الحوار مع هذه القضية وبماذا يخرجون من حلول وكيف سيستقبلها الشارع الجنوبي¿!
عمل غادر وموقف شجاع
العمل الغادر الذي استهدف مستشفى العرضي مدان من كل الجهات ومختلف الأديان ويصب في إطار وقف وإفشال مؤتمر الحوار والجهود السلمية الرامية لإخراج الوطن من أزمته. والموقف الذي اتخذه الأخ الرئيس عقب بل وأثناء الهجوم الغادر مثل رسالة واضحة بعثها فخامته إلى الشعب أولا والجوار ثانيا والعالم ثالثا إنه لن يتراجع عن ما بدأها من جهود مضنية في سبيل مواصلة عجلة التغيير وتحقيق طموحات الشعب وأن لا مساومة ولا هوادة بهذا الاتجاه.
لقد كان موقفا شجاعا لا يقدم عليه إلا الأوفياء لأوطانهم وشعوبهم.