المسئولية الوطنية
مارب الورد
كل مواطن ولد على ظهر هذه البلاد مسئول عنها وترتفع درجة المسؤولية أكثر عند الموظف العام سواء كان موظفا عاديا أو يحتل منصبا كبيرا بما في ذلك رئيس الجمهورية وعلى قدر حدود والتزامات كل شخص تترتب واجباته.
المسؤولية الوطنية هي شعور بالانتماء للوطن واعتراف بفضله عليك يفرض مراجعة دورية ومحاسبة منتظمة لأداء دورك تجاهه دون أن تربط الإيمان حبه بالاستحقاقات التي تعود عليك أو تحصل عليها كحق أساسي بصفتك مواطنا لك حقوق مثلما عليك واجبات.
وهناك فرق بين حبك لوطنك المورث للمسؤولية وبين حملك لذات الشعور للنظام القائم أيا كان ذلك أن الوطن حبه دائم لا يزول وإن كان ينقص كالإيمان الذي يزداد وينقص وهو ليس مرتبطا بمقابل أو استحقاق معين لأنه واجب يفرضه الوجود على ترابه.
أما حبك أو بغضك للنظام فلا يعتبر مقياسا لوطنيتك أو دليلا على مدى التزامك بشروط الانتماء أو يخرجك من دائرة الحقوق الأساسية المستحقة وإنما هو حق يندرج ضمن حرية الرأي والتعبير والتعدد السياسي والفكري يسمح لك بأن تعارض وتبدي وجهة نظرك دون أن يخونك أحد أو يشكك في ولائك طالما اتبعت الأصول المتعارف عليها ديمقراطيا وسياسيا.
ولقائل أن يسأل: كيف تريد من مواطن مسلوب الحرية معدوم مقومات الحياة الأساسية من ماء وغذاء وصحة ومأوى أن يكون مواطنا صالحا لوطن لم يمنحه حقوقه¿ وهذا تساؤل منطقي ومشروع يقودنا للتفريق مجددا بين النظام ممثلا بسلطات الدولة المختلفة وبين الوطن الذي هو التراب الساكن على ظهره والهواء الذي تتنفس منه وتتحرك فيه بحرية داخل الحدود الجغرافية المعروفة.
والحقيقة أن غياب فكرة المواطن المسئول هي من أسباب تخلف الشعوب العربية ورضوخها لأنظمة مستبدة فاسدة طوال عقود من الزمن ناهيك عن أنها من أهم عوامل ضعف الولاء الوطني اهتزاز الثقة وعدم الاعتزاز بالدولة ككل وهي الأرضية الخصبة لوجود ما يعرف بالجواسيس والعملاء وإن كان هذا الأمر لن يغيب حتى في ظل الدولة العادلة لأن الأشرار والأخيار موجودون في كل زمان ومكان.
ما هو مفهوم الوطن لدينا¿ هل هو وظيفة إن لم أجدها كفرت به أم مصنعا إن لم أعمل فيه لن أحترمه¿ وهل هو جهة حكومية إن لم تعطني حقوقي لن أطيعها¿ الوطن أكبر من ذلك كله ولا يمكن اختزاله بأمور كهذه أو ربطه بمصالح مادية ملموسة.
ما الفرق بيننا كعرب وبين الغرب مثلا في هذا الجانب¿ لاشك أن وجود الدولة بمؤسساتها المنتخبة من إرادة الشعب انعكست على قناعات المواطنين الذين يجدون خيرات وطنهم تعود عليهم بالعدل والمساواة في شكل حقوق سياسية واقتصادية وثقافية وفكرية واجتماعية وبالتالي فلن تجد شعورا بالاحتقار لأوطانهم أو عدم رغبتهم في الاعتزاز بالهوية والجنسية حيث يرحلون ويهاجرون.
لقد تجلت هذه القناعات التي رسختها وجود دول معبرة وملبية لرغبات مواطنيها في مسألة النضج والرقي في الخصومة السياسية بين المعارضة والحكام ولن تجد جفافا أو تراجعا للشعور بالمسؤولية عندما يتعلق الأمر بقضية تخص بلادهم حتى لو كان المسؤول عنها من يتلو الحاكم.
على سبيل المثال لن تجد معارضا في بريطانيا يؤيد أو يختلف مع الحكومة في مسألة التدخل عسكريا في شؤون دولة أخرى من باب المصلحة الحزبية وما إذا كان التدخل من عدمه سيؤدي إلى خسارة الحزب الحاكم في الانتخابات القادمة بسبب موقف كهذا بل يحدد ذلك مصلحة البلاد وقد تجد معارضين للحاكم من أعضاء حزبه لمجرد أن موقف الرئيس في أمر ما لا يجلب المصلحة للبلاد وهم غير مستعدين للتفكير بمكسب حزبهم على حساب المصلحة العامة وهذا ما ينطبق على الرئيس الأمريكي باراك اوباما ومعارضة الكونجرس لقرار ضرب النظام السوري.
لذلك تكمن المشكلة في عدم وجود النظام المنبثق عن إرادة شعبه ولأجله يفكر ويعمل ويصدر القرارات المستجيبة لمطالبه وهذا هو الذي يولد الشعور بالولاء القوي للوطن ويعزز ثقة المواطن ويجعله مشروعا صالحا ولبنة للبناء لا معولا للهدم.
ومن هنا وإن كان النظام يتحمل مسؤولية غياب الشعور المسؤول لدى المواطن لحرمانه من حقوقه وسلب حريته وانتهاك كرامته لكن هذا لا يعني أن الوطن لا يستحق منك أن لا تكون طائعا تسمع من يحتقره دون أن توجهه إلى المكان الصحيح لتصريف غضبه.
أن تكون مواطنا مسؤولا يعني أن لا تعتدي على مصلحة عامة كالكهرباء أو أنابيب النفط أو تقطع طريقا حتى لو كانت لديك مطالب مشروعة لأن ذلك سيلحق ضررا بحقوق آخرين وكان يجب عليك أن تعبر عن مطلبك بأساليب مشروعة وإن لم تستجب الحكومة لذلك.
صحيح أنه لا يمكن أن ندين النتيجة قبل إدانة السبب وأنه لا يعقل أن تلوم إنسانا ظلم أو أخذت حقوقه ولم ي