نحو حالة ثورية مختلفة..!

عبدالله الصعفاني

مقالة


 - احد وخمسون عاما من تاريخ الثورة اليمنية هي كافية لأن نحتفل بالثورة بصورة مختلفة تتجاوز وثيقة معمر الارياني المكتوبة بالدم إلى ما يحقق الآمال الواقعية عند الأجيال
واحد وخمسون عاما من تاريخ الثورة اليمنية هي كافية لأن نحتفل بالثورة بصورة مختلفة تتجاوز وثيقة معمر الارياني المكتوبة بالدم إلى ما يحقق الآمال الواقعية عند الأجيال.
? ومعاذ الله ليس في الأمر دعوة لكتابة وثائق مماثلة بصفار البيض أو العسل كما كان أجدادنا يكتبون المخطوطات لكننا بالفعل نحتاج لأن نفتح عقولنا على شمس مختلفة وهواء آخر نغادر به كل مظاهر إعادة إنتاج ما هو بائس ومتخلف.
? خلاص .. مرور أكثر من خمسة عقود على الثورة اليمنية الخالدة هي مدة زمنية كافية لأن نتجاوز ما كنا نسميه المخاوف من إلغاء الذاكرة اليمنية.
? لن يعود الإمام وحتى لو وجدنا أنفسنا تجاه أئمة أو سلاطين فقد شبت الشعوب عن الطوق وصار اللون البرتقالي وضرب الصحون الفارغة بالملاعق كافيا لزعزعة أي حالة تسلطية ولو بعد حين.
? والبركة في هذه الثورة التكنولوجية التي قربت المسافة بين أحدنا وبين أبعد نقطة على كوكب الأرض بواسطة ضغطة على جهاز لاب توب أو ضغطة هي كل المسافة بين الأصبع (الإبهام) وبين زر الريموت كنترول.
? ولكل ذلك دعونا نغادر هذا الشيء الموجود في الفاكهة .. الموجود في القات .. والموجود في مشروبات الطاقة إلى حالة ثورية جديدة تستوعب ما أحدثه الفيسبوك وحده من قدرة على استغلال الحالة المائلة إلى إزاحة عروش وهو ما لم يكن يحدث لولا هذا السحر التكنولوجي.
? أخطر ما قامت به وسائل الاتصال الحديثة أنها وحدت اللحظة الزمانية ووحدت اللحظة المكانية .. ففي مصر مثلا .. وهي مركز الثقل العربي بالحسبة التاريخية والشعبية .. اتفق الجميع على أن يخرجوا إلى ميدان التحرير في لحظة زمانية موحدة فكانت 25 يناير.
? وعندما اكتشفوا أن ما حصلوا عليه ليس شيئا مذكورا عاودوا الخروج في 30 يونيو فكان ما كان في الأولى وفي الثانية.
? أما الشاهد فإن علينا في اليمن أن نتعامل مع الثورات بأنها إنتماء إلى المستقبل وليس الغرق في الماضي إلا من باب أخذ العبرة واستحضار الاعتبار.
? الاحتفال المطلوب بعيد 26 سبتمبر يجب أن يكون مراجعة لما تحقق من أهداف الثورة اليمنية وما لا يزال في طابور الانتظار .. وهناك يثور سؤال كيف لك أن تدخل المستقبل وأنت مشدود إلى الماضي وإحباطاته ومعوقاته وحالاته الثأرية¿ كيف تكون ديمقراطيا وإقصائيا في نفس الوقت..¿ وكيف لي أن أكون مواطنا محترما ومسؤوليتي تجاه أطماعي وتجاه حزبي تطغى على مسؤوليتي تجاه الوطن والثورة والشهداء..¿.
? لقد مرت اليمن بمنعطفات كثيرة وخطيرة من شأن المراوحة حولها أن يبقينا عند ذات موجات العنف ونفس محطات الثأر حتى صارت الهجرة في حياة اليمني هي الحل قبل أن تتحول مؤخرا إلى مشكلة .. كما تحول الاستقطاب الحزبي والايديولوجي إلى غربة للوطن وبعضه والناس وأهلهم حتى أن آخر المتفائلين صار بارعا في التشاؤم.
? دخولنا العام الثاني بعد نصف القرن الأولي مسؤولية وفرصة للمراجعة بحيث نحتفل بمناسباتنا الوطنية بصورة مختلفة .. صورة تأخذ في الاعتبار أن الماضي غادر بسيئاته وحسناته وأن المستقبل يبدأ الآن.
? يكفينا ما عشناه من أوضاع ساخنة تقلبنا فيها داخل براميل الزيت المغلي ويكفينا ما حصدناه من فائض الصراع وفائض الموت خصما من رصيدنا في بنوك الحياة والأمل .. يكفينا ما خضناه من سباق في زراعة الريح مكابرين أن بمقدرونا أن نحصد أشياء أهم من حصاد العاصفة ..!
? دعونا من هرطقات التاريخ بإيجابياته وسلبياته فالتاريخ لم يعد يجدي .. وإنما من أنتم اليوم ماذا تحققونه في ميدان السباق الحضاري .. سقراط وافلاطون وارسطو .. فلاسفة يونانيون عظام ولكن هل استطاعوا أن يمنعوا كون اليونان دولة أوروبية فاشلة..¿!
? رحم الله شهداء الثورة اليمنية بمحطاتها المختلفة .. غير أنهم لن يرتاحوا في قبورهم بهذا الحرق الإعلامي للمفردات السنوية .. ولا خوف على الذاكرة اليمنية .. لا خوف على التاريخ .. لكن الخوف هو أن نبقى نراوح أماكننا وسط الحالة الضبابية دونما اهتمام بقضية تحديد أين هي مصلحة اليمن وكيف نتجاوز النزعات التخريبية أو الدعائية إلى تذكر بأن الله يأمرنا .. بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي..
كل عام ونحن إلى المستقبل المشرق .. أقرب.

قد يعجبك ايضا