التسوية السلمية.. وتبعات نزع أسلحة سوريا الكيميائية

عبدالباقي اسماعيل

 -  أصبحت الحياة أكثر قيمة لعدة أسباب متعاضدة مما يجعل الحرب أكثر ترويعا "ريتشارد نيد ليبو" أستاذ بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية باتت الحرب الأهلية الدائرة ال

> أصبحت الحياة أكثر قيمة لعدة أسباب متعاضدة مما يجعل الحرب أكثر ترويعا “ريتشارد نيد ليبو” أستاذ بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية باتت الحرب الأهلية الدائرة اليوم في سوريا مؤرقة لإسرائيل بصورة حادة أكثر مما هي مضنية للأطراف المتصارعة. رغم أن إسرائيل ليست طرفا مباشرا في تلك الأزمة المعقدة ومبعث الأرق الذي تعاني منه أن سوريا اتضح جليا أنها تمتلك أسلحة ردع فوق استراتيجية باعتراف قادة النظام السوري والمتمثلة بامتلاكه آلاف الأطنان من الأسلحة الكيميائية واتقانه فنون وتقنيات إنتاجها وآليات استعمالها كما ثبت مما جرى في غوطة دمشق يوم 21 / 7 / 2013م والتي راح ضحيتها المئات من المدنيين السوريين بينهم أكثر من 426 طفلا رضيعا وصبيا ألبت ضد النظام السوري العديد من القوى الدولية وفي مقدمتها أميركا وفرنسا واللتان قررتا شن حرب على سوريا عقابا لها وردعا على ذلك لولا المبادرة الروسية يوم 9 / 9 / 2013م والتي قضت بالإشراف الدولي على الأسلحة الكيميائية في سوريا تمهيدا لتدميرها وأن تقوم سوريا فورا بالانضمام الفوري إلى اتفاقية حظر إنتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية للعام 1993م والتي تم توقيعها فعلا من قبل أكثر من 180 دولة عضو في الأمم المتحدة ولم يتبق سوى سبع دول من ضمنها مصر وسوريا واسرائيل وجنوب السودان وانجولا.. وفعلا تقدمت سوريا بأوراق انضمامها إلى تلك المنظمة منتصف الأسبوع الماضي وقبلت عضويتها فورا على أن تكون العضوية سارية المفعول منتصف أكتوبر من العام الجاري لكن إسرائيل ستظل قلقة حتى يتم تدمير أسلحة سوريا الكيميائية بشكل كامل لتكون هي دون غيرها سيدة أسلحة الدمار الشامل في المنطقة ودون أي منازع كما أنها تراقب سير القتال في سوريا وما يمكن أن ينتهي إليه بالنظر إلى أن من بين الجماعات المقاتلة على الأرض جماعتين إسلاميتين متطرفتين وهما “جبهة النصرة” و”قاعدة العراق والشام” واللتان ترفعان شعار إقامة دولة إسلامية في سوريا وتناصبان إسرائيل عداء شديدا بل تسعيان ضمن شعاراتهما إلى محو دولة إسرائيل من الخارطة الجغرافية والسياسية من منطقة الشرق الأوسط وفي حالة وضع نهاية للحرب في سوريا سلما أو بالحسم العسكري من قبل الثوار أي سقوط النظام السوري القائم فإن إسرائيل تخشى وصول مثل تلك الجماعات المتطرفة إلى السلطة وبدء تهديدها الفعلي لأمن واستقرار الأوضاع داخل إسرائيل خاصة وأن تلك الجماعات هي الأكثر قوة وتدريبا وأسلحة نوعية وربما تكون قد استطاعت الحصول على أسلحة كيميائية أو تمرست على تقنيات إنتاجها حينها ستكون إسرائيل على مرمى حجر منها أو أدنى.
ومن هنا يتضح لنا سر الأرق والقلق لدى الأجهزة والدوائر الإسرائيلية المختلفة وأعتقد أن المبادرة الروسية المعلن عنها قد نبهت الإدارة الأميركية وجعلتها عن موضوع شنها حربا ضد النظام السوري تتراجع لأنها سوف تنجز لإسرائيل بالطرق السياسية ما لا يمكن إنجازه بأي طرق أخرى.
وذلك بتخليصها من أسلحة الردع الكيميائية والتي كشف النقاب عنها مؤخرا في سوريا بغض النظر عن تشدد فرنسا وتلويحها بضرورة عقاب النظام السوري على جريمته والتي حدثت يوم 21 أغسطس الماضي ويبدو أن فرنسا تدرك جيدا ما سيحققه تنفيذ المبادرة الروسية على صعيد أمن إسرائيل لكنها ستظل ترفع من وتيرة تهديداتها وتشددها ضد سوريا كجزء من لعبة توزيع الأدوار مع الإدارة الأمريكية وفي نفس الوقت ترضي غضب قوى المعارضة والثورة السورية الذين يتواجدون وينشطون في فرنسا وعلى علاقة وطيدة بالرئاسة الفرنسية والأجهزة المختلفة هناك فالمعارضة والقوى المسلحة السورية لا تقبل بما هو أقل من الحرب ضد النظام السوري بعد أن تهيأت عددا وعتادا وأقامت خططا وبرامج لموازاة الضربات العسكرية للقوى الدولية ودخول دمشق وبالتالي إسقاط النظام وانجاز الانتصار النهائي عليه فالمعارضة السورية ترى بأن الجاني قد صرح بما لا يقبل أي لبس بأداة الجريمة بل وسلمها ولم يتبق سوى القبض عليه وتسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية في “لاهاي” وتوقيع الجزاء عليه بشن حرب خاطفة تتضمن إسقاطه من سلطته بصورة نهائية بعد أكثر من عامين ونصف من الضحايا والدماء والدمار في بنية البلاد التحتية وأكثر من مئة وعشرين ألف قتيل وحوالي مئتين وخمسة عشر ألف جريح ومشوه بالإضافة إلى أكثر من مئتين وخمسين ألف معتقل وعليه فإن المعارضة لا تريد أقل من حرب دولية عقابية ضد النظام السوري وترى أن المبادرات السياسية مضيعة وشراء للوقت ولن تعترف بتلك المبادرات ولن تكون طرفا فيها أي أنها لا تحبذ الحلول السلمية ولا يمكنها بعد هذا

قد يعجبك ايضا