صديق الحمير
حسين العواضي
> ما يكتبه قبلنا خالد الرويشان.. وما يرصه جنبنا عبدالرحمن بجاش وما سبق.. وما لحق من سطور فكري قاسم وأحمد غراب وسواهم يدل على أننا في أحسن حال.
> طفشنا من الكتابة عن الشأن المحلي – المعوج – فدعونا نذهب إلى باريس.. وإذا صاحبك عسل تأكد أنه بلدي.
> بريجيت باردو ومن لا يعرفها أو سمع بها أو قرأ عنها فذنبه في رقبة معلم التاريخ والجغرافيا.
> ممثلة فرنسية شغلت الدنيا بأناقتها ومواقفها وأفكارها العجيبة تطل على الثمانين وما تزال فاكهة الصحافة ووسائل الإعلام.. مادة مرغوبة لنشرات المساء.
> باردو تهدد الآن بطلب الجنسية الروسية بحجة انقاذ فيلتين مريضتين قد تواجهان القتل بدافع الرحمة.
> وتقول إذا كان هؤلاء الذين في السلطة لديهم اللامبالاة والوقاحة الكافية لقتل الفيلتين فسأطلب الحصول على الجنسية الروسية وأفر من هذه البلاد التي لم تعد سوى مقبرة للحيوانات.
> وعلى الطريق هذا إعلان مجاني لكل من أغضبته حماته أو لم يستلم مستحقاته من المسؤول المالي للحوار الوطني الجنسية الروسية متاحة للجميع.
> الأنيقة الفاتنة سخرت ما تبقى من حياتها لرعاية الحيوانات أسست جمعيات كثيرة للرفق بالحيوان انفقت أموالا طائلة لهذه الغاية التي ترى أنها تشعرها بالسعادة.
> هناك بشر على وجه الأرض يتساقطون كل يوم جراء الجوع.. والكوارث الطبيعية والحروب لكنها تقول قضيتي معروفة وما يجري ليس مشكلتي.
> ولا مفر أن نعود للشأن المحلي وأمرنا إلى الله.. ولكن هذه المرة للكتابة عن الحمير وهي غير التي ترونها في نشرات الأخبار.. وكواليس الحوار.. ومجالس الدسائس والفتن.
> اليمنيون سبقوا – المذكورة – أعلاه وبسنوات طوال في الرفق بالحيوانات ورعايتها ولكن بلا إعلام ولا منة.. ولا جوائز أو ألقاب.
> حكاية الحاج – محمد حمزة – تستحق أن تروى ألف مرة.. وأن تذاع وتنشر.. وتترجم إلى كل اللغات الحية في العالم.
> كان القساة العتاة من القبائل – المحيطة بصنعاء يتخلصون من – الحمير – حين تعاق أو تشيخ وتصبح عاجزة عن خدمتهم فيبعثون بها إلى سوق العرج.
> وهو سوق معروف ومهيب في قلب صنعاء القديمة وأحد معالمها ورموزها الدالة على رقي اهلها وطبيتهم وسمو نفوسهم ونبل أخلاقهم وكرم معادنهم.
> أوقفه أهل الخير للبهائم العاجزة من البغال والحمير وحين كانت هذه الحيوانات المنبوذة تلج السوق تجد في استقبالها الحاج محمد حمزة.
> من المصباح الباكر يحتلي زيه الصنعاني الزاهي ويقف بشوشا مهابا على مدخل السوق للترحيب بضيوفه وتجهيز المبيت والطعام لهم.
> نذر الحاج محمد حمزة «رحمه الله» نفسه لرعاية الحيوانات وفعل اكثر مما فعلته باردو يشرف عليها في مقر اقامتها وينقلها إلى سمسرة خاصة في صقيع الشتاء وعند الأيام الماطرة.
> عطوف عليها لا يكل ولا يمل يجمع لها الاعلاف يطوف بتجار صنعاء الخيرين ليتبرعوا ويوفروا لها الغذاء الكريم.
> وكان أبرز هؤلاء الحاج عبدالله اسحاق «رحمه الله» خصص رواتب للحمير والبغال وأوقفت دكاكين في أكبر أسواق صنعاء لهذه الغاية النبيلة.
> أما الحاج محمد العزيري وآخرون فكانوا يجمعون ما تيسر من التبرعات كل خميس يدفعونه للحاج حمزة المثابر الأمين ليشتري البرسيم لنزلاء السوق الكبير.
> كل نهار تقودني قدماي إلى صنعاء القديمة افتقد فيها أشياء كثيرة.. المدينة غير.. والناس غير!
> اسواق كئيبة عابسة تشوهها تلال القمامة وبشر يسيرون في الاتجاه المعاكس خطواتهم متثاقلة لا تدري بما يهمسون¿
> سألت صديقا صنعانيا وديعا ماذا جرى لسوق العرج أين تذهب الحمير والبغال ياعماد¿
> يذبحونها للاسود في حديقة الحيوان.. بجد عندنا أسود .. وعندنا حديقة للحيوان.. اكتم السر لو تعلم باردو بما يجري لطالبت بالجنسية اليمنية .
> رحم الله الحاج محمد حمزة .. رجل الخير النبيل وربنا يلطف ويحمي الحمير -الحقيقة- أما الحمير الاخرى فليست بحاجة إلى دعاء… الداعي لكم بالخير والسعادة.