الفساد الظاهرة والمعالجة
عبدالرحمن مراد

مقالة
الفساد في معاجم اللغة العربية من الفعل فسد ضد صلح وهو البطلان فيقال فسد الشيء أي بطل و اضمحل .
واصطلاحا هو انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة .
ويرى البنك الدولي أن الفساد هو استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص غير المشروع ( ليس له أي مبرر قانوني ) .
ويرى صندوق النقد الدولي أن الفساد هو علاقة الأيدي الطويلة المتعمدة التي تهدف لاستنتاج الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو لمجموعة ذات علاقة بالآخرين .
ومن هنا يصبح الفساد علاقة وسلوكا اجتماعيا يسعى رموزه إلى انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي فيما يمثل عند المجتمع المصلحة العامة لهذا يصنف المختصون في قضايا الفساد أنواعه إلى واسع وضيق.
فالفساد الواسع ينمو من خلال الحصول على تسهيلات خدمية تتوزع على شكل معلومات تراخيص إعفاءات.
أما الفساد الضيق فهو قبض الرشوة مقابل خدمة اعتيادية بسيطة¿ أي عندما يقوم موظف بقبول أو طلب ابتزاز (رشوة) لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة مثلا.
كما يمكن للفساد أن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب ضمن منطق (المحسوبية والمنسوبية) أو سرقة أموال الدول مباشرة.
أنواع الفساد :
هناك أنواع متعددة للفساد فمنها الفساد المالي والفساد الإداري والفساد الأخلاقي وأشدها خطورة وتأثيرا الفساد السياسي.
1-فالفساد السياسي : يعرف بأنه إساءة استخدام السلطة العامة ( الحكومية ) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية وظواهر تقل أو تكثر حسب جدلية العلاقة بين السلطة والدولة والتباس المفهوم عند غالبية الناس والوعي بهما- أي السلطة والدولة- إذ أن هناك فروقا نظرية بين سلطة الدولة ودولة السلطة.
إذ أن سلطة الدولة من الناحية النظرية تعني أن جميع أجهزة الحكم فيها من مؤسسات ودستور وقوانين وقيادة سياسية كلها تعمل في منظومة متكاملة تستهدف تحقيق غايات الوطن وطموحاته التي تعلي من قيمة المواطن ومشاعر حب الوطن وتقوم على مبادئ فلسفية واجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية واضحة يشارك المواطن في صنعها والدفاع عنها من خلال نظام ديمقراطي تعددي يؤكد مبدأ تداول السلطة واحترام الدستور.
أما دولة السلطة… فإنها من الناحية النظرية تعني أن أجهزة الحكم فيها من مؤسسات ودستور وقوانين وتشريعات تعمل في منظومة واحدة لتحقيق مصالح السلطة الحاكمة ويصبح الوطن وثرواته ومواطنوه ملكا لها وفي نظام دولة السلطة تنعدم مظاهر الديمقراطية ومشاركة المواطنين في صنع وإدارة مستقبلهم وتتدنى مشاعر حب الوطن ومبادئ وقيم العمل من أجل المصلحة ويعم الفساد أجهزة الدولة مشكلا تحديا خطيرا في وجه التنمية ومقوضا للعملية الديمقراطية والحكومة الجيدة وذلك بتعويم المسار وقد يقلل من المساءلة ويشوه التمثيل النيابي في عملية صنع القرار السياسي ويلقي بضلاله على السلطة القضائية حيث يعرض سيادة القانون للخطر.
وبمعنى أوسع ينخر الفساد في القدرة المؤسساتية للحكومة لأنه يؤدي إلى إهمال إجراءاتها واستنزاف مصادرها فبسببه تباع المناصب وتشترى كما يؤدي إلى تقويض شرعية الحكومة وبالتالي القيم الديمقراطية للمجتمع كالثقة والتسامح .
ومثل ذلك مقروء في واقعنا بدون جدال أو مراء .
ويرى الباحثون أن الفساد السياسي يقوض التنمية الاقتصادية لتسببه في حدوث تشوهات وحالات عجز ضخمة ويؤدي انتشار الفساد في القطاع الخاص إلى زيادة كلفة العمل التجاري من خلال زيادة سعر المدفوعات غير المشروعة وكذلك لازدياد النفقات الإدارية الناجمة عن التفاوض مع المسئولين ومخاطر انتهاك الاتفاقيات أو الانكشاف.
ويقولون إن الفساد يشوه الملعب التجاري إذ يحمي الشركات ذات المعارف في الحكومة من المنافسة مما يعني بالنتيجة استمرار وجود شركات غير كفؤة.
علاوة على ذلك يولد الفساد تشوهات اقتصادية في القطاع العام عن طريق تحويل استثمار المال العام إلى مشروعات رأسمالية تكثر فيها الرشى ويؤدي الفساد السياسي كما يرى الخبراء إلى خفض معدلات الالتزام بضوابط البناء والمحافظة على البيئة والضوابط الأخرى ويؤدي إلى تردي نوعية الخدمات الحكومية وزيادة الضوابط الأخرى وزيادة الضغوط على ميزانية الحكومة.
الظروف الملائمة للفساد : يرى الباحثون أن الظروف الملائمة للفساد هي:
1-البنى الحكومية المتناحرة.
2-تركيز السلطة بيد صناع