العربي الصدئي

جمال حسن


 - هل حان الوقت ليضمحل العربي ويتآكل على شكل صفيحة فتك بها الصدأ. أمن الممكن أن تكون نهاية أمة فوق بركان من النفط. لست بهذا التشاؤم لكن هناك صيرورة نتغافل عنها تأخذنا إلى تراجيديا مفجعة. قال لي صديق ونحن نتحدث عن الحالة السورية العرب خلاص انتهوا. ونحن بالتأكيد لا نعني النهاية بالمعنى الحتمي إنما المجازي. مع ذلك يمكن تحققها واقعيا.
هل حان الوقت ليضمحل العربي ويتآكل على شكل صفيحة فتك بها الصدأ. أمن الممكن أن تكون نهاية أمة فوق بركان من النفط. لست بهذا التشاؤم لكن هناك صيرورة نتغافل عنها تأخذنا إلى تراجيديا مفجعة. قال لي صديق ونحن نتحدث عن الحالة السورية العرب خلاص انتهوا. ونحن بالتأكيد لا نعني النهاية بالمعنى الحتمي إنما المجازي. مع ذلك يمكن تحققها واقعيا.
تعرض الحالة السورية اليوم أكثر مراحل الانحطاط العربي قتامه. فمع تمهيد الولايات المتحدة من اجل ضربة عسكرية لسوريا لا يبدو الرأي العام العربي يشعر بخطورة الوضع العام. هناك ميوعة في موقف النخب ينعكس في الشارع. إعلام بأكمله يروج للضربة وكأنها ستكون واحدة من الانتصارات العظيمة. في الواقع يعود العربي لأصله كفصيلة من الرعاع تعتاش على الخيانة والتحارب. الإعراب المتشرذمون والمترحلون الذي أسكنت فيهم طبيعة الصحراء امتهان فكرة الأوطان. إنهم مجتمع قبائل تتأصل فيها العصبة الصغيرة وتتراكم فيها العداءات فتتوارث الحقد وتتصرف وفق هوى أخرق تهيمن عليه النقمة. عندما يؤمن فهو يتصرف بعماء وكذلك يسهل على الحقد ان يدمره. ها هو العربي يصفي حساباته مع نفسه كتوسل أخرق لعاداته في خيانة الذات.
حتى الحوثيون في اليمن فإن موقفهم ينبع من أيدلوجية تقارب مع حزب الله وإيران. بينما كثيرون يؤيدون الضربة لأنه نظام شيعي. لكن أليس ما يحدث هو استمرار لتدخل عسكري أميركي في العراق. وهو ما يجعل العربي لعنة ذاته. لأنه مجرد من ذاكرته ومجرد من عقله. عندما يؤمن لا ينكر عاداته الجاهلية. فضرب سوريا تم تمريره كما لو كانت عقابا لنظام بشار الأسد كما سبق وكان احتلال العراق عقابا لصدام حسين. وعندما ذكرت لزميل أصبح من المدافعين المستميتين للتيار الإسلامي عن العراق ألا تذكرنا بشيء ما يكشف غاية التدخل في سوريا¿ نقل دول الاستبداد إلى شكل من فوضى طائفية استبداد طائفي يطمس ذاكرة الدولة والهوية. قال بكل استخفاف وحمق: إن الشيعة هم الذين خربوا العراق وليس أميركا. فضحكت لأنه ليس هناك ما يجب قوله. وأميركا الآن تصحح خطأها في سوريا وستقدمها للسنة تعويضا عن العراق. فالديمقراطية في المنطقة تحقق فقط ميزان طوائف.
وكيف سأبدو مندهشا من حس عام متبلد وداكن تحتويه قبضة الصراخ الإعلامية¿ فالقرضاوي تحدث شاكرا أميركا لأنها “تقف في صف الإسلام” انظروا لم يقل حتى (في صف المسلمين) بل الإسلام. أي تمويه يمارسه خطاب يمارس هيمنته على الدين منذ عقود طويلة. وانحياز اميركا في صف الإسلام ما يعنيه القرضاوي هو الإسلام الطائفي الذي يمثله خطابه. وصف الإسلام بما يعنيه في سوريا تتمثل في دحر الشيعة. فالتحول الشرق الأوسطي الذي صار يمجده البعض باستدعاء التدخل الأميركي هو شرق أوسط طائفي وأكثر انقساما. ومثل خطاب الرئيس المصري السابق محمد مرسي وهو يستخدم وصفا عدائيا ضد الشيعة “الرافضة” هذا التصعيد من رأس أوطان يشكل من هذا الجانب خطرا على صعيد التماسك الاجتماعي. كما أظهرت الحرب السورية فالولايات المتحدة صارت الداعمة الرئيسية للتنظيمات الجهادية عبر حلفائها. وكان موقفها المنحاز لجماعة الإخوان في مصر يتفق إلى حد كبير مع موقف المتشددين الإسلاميين. أما موضوع الديمقراطية فقد تحول بالنسبة لبعض النخب مجرد ادعاء يميع صورة المنطقة وهي تتأكد كصيرورة نزاعات طائفية ستزيد المنطقة انقساما واشتعالا. وسيترتب عليها إضعاف بلدان تعاني أصلا من تخلف اقتصادي وإنساني هائل. وهو يفتح الدرب أكثر لتغول قوى إقليمية مثل إسرائيل وتركيا وحتى إيران.
حتى عندما نتحدث عن سوريا يستدعي الجميع صورة بشار الأسد كحاكم ديكتاتوري. وكأنه يحاول أن يبدو في موقف مثالي فهو يرفض التدخل العسكري ويحمل الأسد المسئولية المطلقة. أو في مصر هناك من يرى أن تدخل العسكر هو المشكلة الرئيسية اليوم. حقا هناك تدخل عسكري أو ما يمكن تسميته انقلاب لكن دعونا من التظاهر الذاتي الملطخ بالغرور والمتصرف تحت إملاءات أنا أريد أن أكون في موقع عقلاني منصف. آه كم تبدو المثالية رعناء في كثير من الحالات فالبعض يتباكى بصدق على ديمقراطية كانت ناشئة في مصر ولا يرى الكهنة المختبئين وراءها الجاهزين لذبح الآخرين إما بالفتوى وإما بعنف الأيدلوجية. وكما يبدو من تجربة الانتخابات المصرية هناك ديمقراطية ارتجالية تم الاستيلاء عليها خلال اشهر بعد ان احتكرت جماعة كتابة الدستور. وفي العراق لم

قد يعجبك ايضا