“استقلال القضاء”..أمل يراوح بين (النظري) و(الواقعي)

استطلاع /رجاء محمد عاطف


الدولة المدنية التي هي دولة النظام والقانون تمثل اليوم عنوان الحضارة الإنسانية الأبرز التي تقوم على أساس الشرعية الدستورية ومبدأ سيادة القانون وعلى قواعد وضوابط دستورية تنظم مهام واختصاصات سلطات الدولة على أساس مبدأ الفصل بين السلطات الذي يعطي السلطة القضائية قوة دستورية متوازنة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية تمكنها من منح الحماية القضائية للحقوق والحريات الإنسانية وإقامة التوازن الاجتماعي داخل المجتمع ومما لا شك فيه أن تحقيق استقلالية القضاء والتغلب على ما يكتنفه من معوقات وإحباطات واقعية يتطلب إرادة سياسية تؤمن بأهمية دور القضاء كركيزة أساسية في كيان الدولة المدنية المنشودة ..
لذلك يعتبر استقلال القضاء قاعدة تنظم علاقة السلطة القضائية بغيرها من سلطات الدولة ويقوم على أساس عدم التدخل من قبل باقي سلطات الدولة في أمور القضاء وذلك بإعطائه سلطة دستورية مستقلة عن باقي السلطات ..
وفي هذا الاستطلاع يتحدث عدد من أهل السلطة القضائية عن مفهوم استقلال القضاء وشروط تحقيقه من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل .. وكانت الحصيلة كالتالي :

أن يكون القاضي محايدا وأن لا يكون سياسيا ولا حزبيا وهذا لا يتحقق إلا إذا كان اختيار القاضي لا شأن للأحزاب فيه ولا شأن للسياسة فيه هكذا بدأ القاضي عصام السماوي –رئيس المحكمة العليا حديثه عن مفهوم استقلال القضاء وقال :يجب أن يكون اختيار القاضي المستقل من داخل السلطة القضائية وأن يكون مؤهلا منها لا من خارجها وأن شروط تحقيقه من خلال مؤتمر الحوار أن لا يترك أمر السلطة القضائية بيد سلطة أخرى تتحكم به في تعيين أو ترشيح أو انتخاب وان يترك كل ذلك للسلطة القضائية في التعيين والترشيح والانتخاب والمحاسبات وغيرها ولأعضائه بأنفسهم من داخل السلطة القضائية لا من خارجها ..
بعيدا عن التغول
ومن جانبه يرى القاضي عبد الكريم أحمد باعباد- وكيل وزارة العدل لقطاع التخطيط والتوثيق :أن انعقاد المؤتمر القضائي الثالث يأتي في ظل ظروف تشهدها اليمن بخاصة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني وقال أتمنى لأعمال (المؤتمر القضائي ) أن يتكلل بالنجاح وان يحقق الأهداف التي يطمح إليها القضاة في تعزيز القضاء واستقلاله وهيبته وان يعزز روابط الأخوة والتعاون والتعارف بين القضاة والدفاع عن مصالحهم وان يخرج من الوضع السابق .
وأكد أن استقلالية القضاء يعني بأن يكون مستقلا وبمنأى عن تغول السلطتين التشريعية والتنفيذية ودون تدخل من أي احد وهذا يتناغم وينسجم مع النص الدستوري في المادة 149 التي تنص على أن القضاء مستقل ماليا وإداريا..
وأضاف: أن من شروط تحقيق استقلال القضاء أن يتضمن الدستور نص استقلال القضاء الذي هو موجود أصلا في الدستور القديم ويجب المحافظة عليه في الدستور القادم الذي سيتمخض عن مؤتمر الحوار.
تجاهل كامل
أما المحامي / نشوان حمود الباردة فيقول: إن استقلال القضاء هو انحصار الوظيفة القضائية بالقضاء وعدم تدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية كما نكون أمام استقلال القاضي بعدم التدخل بعمله من أية جهة كانت بغية توجيه عمل القاضي بطريقة معينة أو لتعرقل مسيرته أو للاعتراض على أحكامه بمعنى أن استقلال القاضي يجعله متمتعا بحرية إصدار الحكم بالمسائل المعروضة عليه بحيث يحكم استنادا إلى الوقائع بموجب القانون بعيدا عن التدخل والمضايقة أو التأثير من جانب الحكومة أو من يمثلها أو التدخل والتأثير الذي ينشأ بين القضاة أنفسهم بسبب اختلاف المنصب الإداري في ما بينهم أو مستويات محاكمهم فالقضاة جميعهم مستقلون لا يتبع أحدا منهم أحد آخر مهما علت درجته أو ارتفع مقامه فالاستقلال يكون بعدم تبعية القضاة لأي فرد سواء أكان قاضيا أم لا مما يوجب عدم تجاوز الرئاسة الإدارية حدود توزيع العمل لأن الرئاسة الإدارية بطبيعتها تفسد مضمون العمل مهما تقيد نطاقها القانوني وان التبعية الرئاسية تنطوي على معاني القهر والإخضاع وتحد من قدرة المرؤوسين على الاستقلال برأيهم والنأي عن التأثير بتعليمات الرؤساء وأن من ضمانات استقلال القضاء الاستقلال الإداري والمالي والوظيفي .
ومضى يقول : إن مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي شارف على الانتهاء دون ما يدل على أن السلطة القضائية كانت تمثل موضوعا رئيسيا من مواضيع الحوار الوطني ولعل ذلك يعكس عدم الاهتمام الكامل بالقضاء في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي اكتفت بإشارة مقتضبة إلى إصلاح القضاء ,الأمر الذي فتح باب الاجتهاد السياسي في وضع رؤية للنظام القضائي القادم تقوم على معايير التقاسم السياسي وليس على المعايير الدستورية التي استقرت عليها الأنظمة القضائية في العالم ولقد ظل القضاء ومازال اقل السلطات الثلاث اهتماما وربما اقلها وضوحا لدى الخاصة والعامة فلماذا الجهل أو التجهيل بأهمية القضاء وخطورة دوره

قد يعجبك ايضا