المغتربون الكرت الرابح (الخاسر) 1-2
محاسن الحواتي
قدر المواطن اليمني أن يكون مهاجرا عبر تاريخه الطويل أو عائدا من المهاجر البعيدة إلى وطن يرهقه بالمشاكل والهموم وقدره الثالث هو تفكيره في الهروب دوما من وطنه إلى حيث لايدري اعتقادا منه أن وراء الجبل خير وفير وخلف البحر ثروة وراحة بال فيما لو فكر بواقعية في العمل داخل وطنه بهمة عالية ليل نهار كما يفعل المغترب في بلاد الآخرين لوجد الكثير من المغانم وسعة الرزق والأمل والطموح يرتسمان أمامه كل يوم .. رغم المعوقات ونشاط تيار المحيطين والمعرقلين في كل أنحاء وفي كل مكان ورغم السلوكيات والممارسات السلبية تجاه كل الناجحين والطامحين سيظل هناك بلد مفتوح للعمل والأمل وأن الوطن يستحق التضحية ونحن نستحق أن نعمل في الوطن ونرتقي به ولا نتركه للفاسدين والمتسلقين.
سافر اليمني وغادر وطنه وكل أمله أن يوفر المال وليسدد الديون التي تكبدتها أسرته من أجل شراء الفيزا وأمله أو هدفه الآخر هو أن يتزوج وإن كان متزوجا يشتري بيتا فقطعة أرض ثم سيارة وإذا أراد الله ينشئ مشروعا صغيرا يسميه (بقالة الرياض) أو (مخبز جدة) كل هذه الآمال تجعله يعمل ليلا نهارا بهمة وإخلاص لا يعبأ بالتعب لا يفكر في الإرهاق .. لا يحرص إلا على عمله ومصروف الأسرة إلى أن يرحل تعسفا وهو خالي الوفاض أو يعود ليحقق بعض ما تمنى ولا خيار ثالث.
عندما يصبح المغترب كرتا سياسيا يتم التلويح به في حالة أي اختناق أو فتور في العلاقات .. المغترب ضحية للوضع في الداخل لأننا فشلنا في إنتاج فرص عمل للعاطلين ولأننا لم نلزم القطاع الخاص بتوفير فرص عمل الشيء الآخر الضمان الاجتماعي للفقراء والعاطلين غير كاف ويستحي المرء إذا ما ذكر المبلغ المرصود لهذه الفئة.. الشيء الثالث والأخير هو إشكالية البحث عن أسواق عمل جديدة في الخارج لاستيعاب العمالة بدلا عن ارتهانها في مكان واحد هذه المسألة انيطت مؤخرا بوزارة شؤون المغتربين (تنظيم الهجرة والعمل الخارجي) حاولت الوزارة فتح قنوات مع سوق العمل الليبية كونها مرحلة استيعاب للعمالة في مجالات البناء والتشييد لكن وللأسف الشديد هناك من لاتهمه مصلحة الوطن ويعمل على إعاقة كل عمل جيد لأسباب كثيرة .. لذا نلاحظ أن التدخلات في إرسال العمال إلى ليبيا كثرت من مراكز قوى محلية ومن أفراد تعودوا على الفساد وجهات لا يهمها سوى تعميق الخلافات.. إذا لم تحسم هذه القضية على مستوى أعلى فلن تنجح الجهود وقد تفشل كل النوايا الصادقة التي تبذلها وزارة المغتربين.
إن مغتربينا ومهاجرينا بالخارج بلغوا ثلث سكان اليمن بمعنى وطن آخر مهاجر خارج الوطن (7 ملايين مغترب) هؤلاء كرت رابح %100 إذا ما ربطناهم بوطنهم إذا ما وحدنا صفوفهم إذا ما احطناهم بالمعلومة والمعرفة عما يدور داخل الوطن إذا ما اجتهدنا في حثهم على الإدخار داخل الوطن والاستثمار تحديا للظروف والمعوقات إذا ما كنا صادقين معهم ومع أنفسنا أولا.
المغتربون كرت خاسر لأنه لم يحظ بالاهتمام اللازم منذ عقود ولأنه لم يحظ بالتدريب والتأهيل والحماية القانونية المشروعة ولأنه لم يستثمر جيدا ولأنه كرت لا تلعب به إلا حكومات دول الاستقبال لذلك خسرنا عمدا وتهاونا على مدى عقود مضت.. ومازلنا نخسر رغم الضربات المتتالية والعودة القسرية التي كلفتنا الكثير.
المغتربون كرت رابح من حيث التحديات التي ترفد خزينة الدولة سنويا كذا من حيث النجاحات الفردية التي يحققها البعض في مختلف المجالات العلمية والمهنية رافعين اسم اليمن عاليا وبكل فخر هم كرت رابح في إعانة أسرهم الفقيرة وأقاربهم المحتاجين إذ يؤكدون كل يوم إيمانهم بمبدأ التكافل الاجتماعي وتماسك الأسر وتعاونها.
مازال بالإمكان الاستفادة من كرت العمالة المغتربة بالخارج إذا وضعنا استراتيجية لعقد من الزمان مثلا وبدأنا في فتح أسواق العمل وتأهيل عمالنا وتنظيم عملية إرسالهم لهذه الأسواق ومن ثم حثهم على التحويلات المستمرة والحفاظ على سمعة العمالة اليمنية في كل أسواق العمل.