السيناريوهات الخارجية
فيصــــل الصفــواني
فيصــــل الصفــواني –
لست من مروجي نظرية المؤامرة ولا من القائلين بها لكن من الغباء السياسي أن نستبعد دور العامل الخارجي ومدى تأثيره في أحداث شؤوننا المحلية سواء في شؤوننا المحلية في اليمن أو الشأن المصري أو الشأن السوري بل يجب علينا أن ندرك أنه في كل بلد عربي ثمة سيناريو خارجي يؤثر في أحداث الشأن المحلي ويدخل ضمن صيغة المعادلة السياسية ومن باب أولى بنا ونحن نتحدث بهذا الخصوص أن نفرق تماما بين نـظرية المؤامرة وبين التدخل الخارجي .
فالتدخل الخارجي أمر واقعي وحتمي سواء شئنا أم أبينا سواء قبلنا به أم رفضناه فهو أمر حتمي لانستطيع تحاشي حدوثه مهما فعلنا .
ولعل أهم الفروق بين المؤامرة والتدخل الخارجي من وجهة نظري هو أن المؤامرة تسهم في تضخيم مشاكلنا وتعقيدها لأنها تمنحنا القدرة على تبرير أخطائنا والدفاع عن عجزنا من خلال افتراض العدو الخارجي وبالتالي فإننا نرمي كل مشاكلنا على الخارج وكلما يحدث في الداخل من أخطاء وقصور نتنصل عن مسؤوليتها بذريعة وجود مؤامرة خارجية وفي هذه الحالة يجد النظام السياسي ضالته في نظرية المؤامرة فيوظف كل إمكاناته في تسويق وترويج نظرية المؤامرة حتى يستلب المجتمع قدراته على الرفض وامكانياته في التغيير ويصل المجتمع إلى مرحلة الاستلاب الفعلي وعندها تتحول نظرية المؤامرة إلى عقيدة راسخة في أذهان الناس ووعيهم وبفعلها ينظر الشعب إلى مشاكله ومعاناته وكأنها قدر من الله والقدر بطبيعته لايستوجب سوى الإيمان به والتسليم له.
كما أن نظرية المؤامرة تتحول إلى أسلوب رسمي في ادارة شؤون الحكم في كل بلد يديرها نظام مستبد يعاني من عاهات العجز السياسي والفشل الإداري وتتعزز أهمية المؤامرة في هذا البلد أو ذاك بقدر مايعانيه النظام الحاكم من العجز والفشل.
والملاحظ أن هناك لبسا أو التباسا في وعي الكثير من الناس واذهانهم بين الامرين فقد صادفت الكثير ممن تجمعني بهم الصدفة في أكثر من مكان يلومني بعضهم ويقولون لي “أنت شخص متناقض كيف ترفض نظرية المؤامرة وتتحدث عن أهمية العامل الخارجي والسيناريو الخارجي».
وفي هذه الحالة أقول نعم أني أرفض نظرية المؤامرة وأرفض التعاطي معها لكني في الوقت نفسه أقر بوجود تدخلات خارجية بل وأجزم بوجود سيناريوهات خارجية مرافقة لكل أحداثنا المحلية.
لكن كيف يمكننا الاستفادة من التدخلات الخارجية وكيف يمكننا أن نوفق بين سيناريوهات الخارج مع مصالحنا الداخلية.
وهنا تحضرنا فوارق أخرى بين المؤامرة والتدخل ومنها أن المؤامرة لايمكن أن نستفيد منها بينما التدخل الخارجي يمكن الاستفادة منه كما أن المؤامرة يمكن إنكارها ورفضها بينما التدخل الخارجي لايمكن رفضه ولا إنكاره أيضا أضف إلى ذلك أن المؤامرة تكون سرية وخفية بينما التدخل يكون واضحا وعلنيا .
ويكفي أن نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر نموذج التدخل الاقليمي والدولي في اليمن عبر المبادرة الخليجية وهذا التدخل لايستطيع أحد في اليمن إنكاره ولايستطيع أحدنا أن يقول إن اليمن لم تستفد من ذلكم التدخل .
أما مايتعلق بالسيناريوهات الخارجية فغالبا ما تصاغ السيناريوهات في مرحلة تالية للتدخل إذ ينفرد كل طرف من أطراف التدخل الخارجي بسيناريو خاص به وبمصالحه وهنا تقتضي المسؤولية الوطنية على ساسة البلد أن يدركواجيدا كيف يقرأون السيناريوهات الخارجية ويعلمون أين نستفيد منها وأين مكامن الضرر فيها فهي ليست شرا محضا ولا خيرا محضا.
لذلك لانستبعد بأي حال من الأحوال أن هناك سيناريوهات خارجية حاضرة بقوة في قلب المشهد المصري الراهن مثلما هي حاضرة بقوة في قلب المشهد السياسي والعسكري في سوريا وبلاد الشام.