ثقافة الإنتاج

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - في المدخلات الثقافية الوطنية ثمة تضاد في الموقف من قضايا التفاعل والإنتاج ومثل ذلك التضاد أو التعدد والتنوع يعود إلى التعدد الثقافي فالثقافة البدوية الصحراوية
عبدالرحمن مراد –

مقالة

في المدخلات الثقافية الوطنية ثمة تضاد في الموقف من قضايا التفاعل والإنتاج ومثل ذلك التضاد أو التعدد والتنوع يعود إلى التعدد الثقافي فالثقافة البدوية الصحراوية لا تمجد سوى حرفة الرعي ولا تمثل إلا إلى الغنيمة كوسيلة سهلة وهي تحتقر البعد الإنتاجي والحرفي والصناعي وثمة مقولات متناثرة في المصادر والمراجع العربية دالة على ذلك الموقف من البعد الإنتاج والصناعي فالعربي البدوي الصحراوي لم يكن يرى لليمنيين الذين اشتهروا بالصناعات مجدا بل كان يحتقرهم ويحط من قدرهم وقد قبل في كتب الأخبار أن معاوية قال لأحد أولئك حين دعاه إلى المفاخرة وهل فيكم إلا حائك برد أو سائس قرد أو نافخ كير فالمعادل الموضوعي للإنتاج كان الانتقاص والحط من القيمة الاجتماعية ومن قدر الإنسان في مقابل ذلك البعد الثقافي الذي يمجد ثقافة الاقتصاد الريعي غير الإنتاجي القائم على القيمة نشأ في إطار المجتمع اليمني صراع وجودي آخر فالذين دأبوا من أفراد المجتمع على إنتاج الحبوب كانوا يحتقرون الذين يزرعون القثاء والبقل والثوم والعدس والفجل وترى بعض الجماعات في التجارة عيبا وتقول على التاجر بياع أي يمكنه الالتزام بأخلاق وقيم القبيلة والعرف والبياع عند بعض القبائل في المراتب الاجتماعية الدنيا وقد تركت مثل تلك الثقافة التراكمية أثرا واضحا ويتنافى توزيع رأس المال الوطني الذي دل تمركزه في إطار جغرافي بعينه على فرض علاقات إنتاج وثقافة استلابية غير قادرة على استعادة وعيها بقيمتها الحضارية والتاريخية فاغتراب رأس المال عن امتداده الحضاري والتاريخي يجعل أثره الاجتماعي والتفاعلي محدود وغير ذي جدوى كما أن نفعيته لا تتجاوز دائرة الوعي الصحراوي أي دائرة الاقتصاد الريعي أو الاقتصاد المعاشي المرتبط بالحياتي واليومي ولا يترك أثرا على حياة الإنسان الذي يتفاعل معه على وجه العموم ولكنه قد يخلق برجوازية وإقطاعية جديدة من خلال الأثر السحري المباشر في التأثير على البعد السياسي مما يجعل دائرة الصراع الوجودي للجماعات أكثر اتساعا إذ يتطلب تقريب أبعادا وأقطارها أبعادها تفاعلية حيوية وشراكة تجعل الإحساس بالقيمة والمعنى وبالفاعلية أكثر اتساقا مع السياق الحضاري والثقافي التاريخي.
قد دلت التفاعلات الاجتماعية والثقافية أن كل حرفة أو مهنة تخلق وتشرعن علاقاتها فالبعد العرفي حين يمعن المرء في التأمل فيه يجد على المستوى الوطني وفي سياقه التراكمي التاريخي قد عمل على تنظيم جل العلاقات الإنتاجية بين أرباب رؤوس المال والحرفيين والعمال كما أنه حدد فضاءات وحدود المهنة والحرفة وشأن هذا البعد شأن غيره من المعارف التي تتوارى وتختفي مع مرور الأيام والأزمنة دون أن تمتد إليه يد العناية بالتوثيق والحفظ والدراسة والنقد والتحديث والإضافة.
فالضرورة التي تخلقها الحاجة الاجتماعية تشرعن لنفسها وتكون الآلة بعدا مهما في رسم الفضاءات وتحديد العلاقات وقد تكون الآلة هي الباعث على التشابه بين الثقافات فمثلا قد نجد مشهدا في أحد شوارع صنعاء يتشابه مع مشاهد في الدراما والسينما الهندية والجامع المشترك بين الحالين هو الآلة فالموتر سيكل «الدراجة النارية» ترتبط اجتماعيا واقتصاديا بالبيئات الأكثر فقرا لذلك فتكاثر تلك الآلة دال بالضرورة على شيوع الفقر وحين ننشابه الظروف الاقتصادية في البيئات والثقافات المختلفة تتشابه الثقافات وبواعث السلوك الاجتماعي للجماعات وهو في الأغلب الأعم أقرب إلى النزعة العدوانية وقد لاحظنا كيف ارتبطت الدراجة النارية في اليمن بالأعمال الإرهابية وحوادث الاغتيالات وقد ظن الكثير أن مثل ذلك السلوك حادث في الذات اليمنية بفعل التفاعلات وعوامل التأثير للكون الإعلامي المفتوح وغاب عن أولئك الذين ينظرون إلى الأمور من مظهرها وشكلها الخارجي أن تأثير الآلة في خلق فضاءاتها وعواملها والآلة تفرضها الحاجة والضرورة الاجتماعية فالفقر والعجز أمام تلبية اسباب وحاجات الحياة سبب في شيوع ظاهرة الموتور سيكل وارتباط الآلة بالضرورة الاجتماعية والاقتصادية في المظاهر العصرية يجعلنا أمام تحديات ثقافية تفرض سؤالها الحضاري والثقافي.
وحين نتحدث عن السؤال الحضاري والثقافي فنحن نأخذ بأسباب النهوض فالجماعات المتجانسة ثقافيا أي من حيث أدوات الإنتاج وعلاقته حين تساهم في شركات تسويق أو تعليب أو تصنيع تشعر بحضورها وفاعليتها وتموت في داخلها وعوالمها الوجدانية والذهنية مفردات الاستغلال فالمزارع حين يصبح عضوا فاعلا في شركة تسويق أو شركة تعليب أو تصنيع فهو بالضرورة يجهد جهدا مضاعفا في تجويد المنتج الزراعي وبحيث يكفل النفعية الجمعية التي هو جزء منها ويعود عليها منها ببعض ظ

قد يعجبك ايضا