الرواية وغرابين التاريخ

أحمد الشرعبي

 - يرتب التاريخ مكائده بعناية من لا يخشى الفضيحة وهذا الجهد المعرفي الذي بذلته الإنسانية في حيواتها وازهقت في سبيله أرواح المفكرين والفلاسفة تتغافله مكائد التاريخ لتجعل منه زوادة بؤس وحرمان وقهر.
أحمد الشرعبي –
يرتب التاريخ مكائده بعناية من لا يخشى الفضيحة وهذا الجهد المعرفي الذي بذلته الإنسانية في حيواتها وازهقت في سبيله أرواح المفكرين والفلاسفة تتغافله مكائد التاريخ لتجعل منه زوادة بؤس وحرمان وقهر.
ماذا تغني الكتب حين تفسد طوية الإنسان ويصبح القتل وسيلته المثلى لتحقيق ذاته.
الكتب على اختلاف مستوياتها قالت إن محاولات مضنية بذلت لثني أول القتلة عن إغماد خنجره!!
قابيل لا تقتل أخاك¿ قابيل لا ترتكب الجرم¿ قابيل ثمة كائنات تريد النيل منكما معا!! لكنه فعلها لمصلحة كائن يتحين الفرص السانحة ليبدو شيئا غير كهنة.
تتآكل عبر التاريخ لكن خميرته العطنة تعيد تشكلها في قوالب مكرورة هي ما نطلق عليه (تجارب) (ثوارث) انقلابات بيضاء وحمراء ومزكرشة الألوان!.
هل صحيح أن التاريخ مادة يكتبها المنتصر على صورة اقبية وزنازن يقضي فيها المنكسرون اعمارهم¿ لا ليس الامر على هذه الشاكلة وإلا ما كنا نجتر أحداث الفتنة الكبرى حتى عصر الفضاء المفتوح وغزو الاجرام السماوية وتحريك الجمادات وفك الشفرة الوراثية وطحن وعجن سوريا وتحويل الشعوب إلى عهد مخزنية يجرى نقل حيازتها بكل سلاسة وبمنتهى التهذيب. لو كان التاريخ احداثا نضعها خلف ظهورنا رهن الحاجة إلى مضادات حيوية تحصن وتحمي أولويات الحاضر ما استدرجتنا كماشات التحجر لكنا في الحقيقة اسارى جراح التاريخ وما تنفك عيوننا تبحث عن الثقب الذي سيخرج منه ابن العاص تارة ونرتقب إطلالة العدالة على مقود الامام الغائب والمنتظر تارة أخرى!
التاريخ اذا ليس صفحات تكتب ولا حكايات تروى انه حيوان متوحش داخل طوية الإنسان وهو الجرس المعلق على قرن كوبري الفاحشة والثأر ومن غير الملائم اعتباره تاريخا طالما نستيقظ على رنين أجراسه في تلافيق الذاكرة ليصبح الأمر تقليعة اعتيادية نتعاطى معها كلما اشتغلت حواسنا برسم مسرح جديد لجريمة ترتكب أو نقمة تتثائب.
حين تناولت سماعة الهاتف كان على الطرف الآخر نقيب الصحفيين الاسبق مستشار الرئيس اليمني الاستاذ محبوب علي وهو كاتب مرموق وخطيب مفوه من ابناء الجنوب تندهش لوقع كلماته المنهمرة عن تاريخ وحياة التنوير والمتنورين في مجتمعاتنا العربية واليمن تحديدا مواجع الاديب واهات الشاعر ومراثي القاص وندوب الصحفي. وانكسارات الفنان.
ادركت من حرارة الحديث حرقة في القلب تماثل حالة سقراط وقد أفرغ السم في جوفه! وكدت اقللها بعاصفة هوجاء القت بك هنا لا ريب أن خطأ حدث أو أن التاريخ يخطئ احيانا في توجيه بعض اختيارات السلطة.
في أزمنة كهذه تذهب اصابع التاريخ وجهة مثقف آخر!! يحسن طهي الدسائس والمفتريات يتقن نسج الحيل يجيد تأهيل الضحايا حتى لا يكون أي منهم اقل قدرة من الآخر في تصميم ونصب مشنقته المفضلة واعلان حكم الاعدام على نفسه!
ترى هل يدافع التاريخ – اقصد جيناته الخبيثة في ذواتنا – عن اخطائه الحميدة والنادرة في اكثر حقبه انحدارا¿
إن اشكاليتنا مع الزمن هي ذاتها اشكالية المثقف مع السلطة فالزمن يتحرك أما منحدرا إلى أسوأ مقامات التاريخ أو يمضي صعدا إلى الأمام منفلتا من زمام السيطرة وعقال القوى الضلامية المنتجة للإعاقة.
ولم يعد خافيا أن إرادة الشعوب المقهورة وضعت في عدد من الاقطار العربية على منصة الاطلاق نحو المستقبل على حين كان التاريخ يرتب حيله ويمارس عملية تخصيب قصوى لقواه الماضوية ويمكنها من تدمير اللحظة الثورية المندفعة لأحداث التغيير أو بالأحرى حسم المفاصلات المعرفية بين ما كان ماض وما هو استحقاق في الحاضر.
ولم تكن الاعاقة لتحدث بهذه الصورة الدرامية الفاجعة لولا مستحضرات التهجين الايدلوجي لمتأولي التغيير ومتقولي الثورة اقصد تلك القوى التي تريد من الربيع علفا لرعي العهن المنفوش لا زنابق تتفتق في حنايا الشعوب.
هذه الاوضاع السيئة التي تمر بها شعوبنا العربية والإسلامية ليست صنيعة الترتيبات المتسرعة لاحتواء ربيعنا العربي الذي كان قدر ارتباطها بنخب سياسية تمارس وصايتها على المستقبل ولا تتذكر علاقتها بكوارث الماضي! والحق أن مثقفي البلاط ومنهم العالم بفتياهوالأيدولوجي بمومياته والكاتب بمباخره والسياسي الذي نسميه رمزا بخرقه التي يرقع بها وجه السلطة هؤلاء افسدوا الجنرال القديم عندما وفدإلى الحكم بسجية الفلاحين وافق المقاتلين الشجعان وهم جعلوا منه غولا يلتهم كل شيء ويتوجس من أي شيء ولا يقبل من الشعب شيئا وحين انهت جيوبه مهمتها في إتلاف مقدرات المجتمع وتدمير معنوياته رأينا معظم هؤلاء يلتحقون بسوح الربيع ويعملون على خطف (ملكة النحل) لتغدو ال

قد يعجبك ايضا