الفدرلة والأقلمة

أ.د.عزيز ثابت سعيد

 - لا يزال الحديث في أوجه هذه الأيام عن الفيدرالية وعن نظام الأقاليم المفدرلة كشكل للدولة اليمنية المقبلة ونظام يمثل مخرجا مرضö -- حسب رأي البعض -- لمطالب الأخوة في الحراك الجنوبي. والواقع أن الفيدرالية كنظام حكم لا غبار عليها فدول كث
أ.د.عزيز ثابت سعيد –
لا يزال الحديث في أوجه هذه الأيام عن الفيدرالية وعن نظام الأقاليم المفدرلة كشكل للدولة اليمنية المقبلة ونظام يمثل مخرجا مرضö — حسب رأي البعض — لمطالب الأخوة في الحراك الجنوبي. والواقع أن الفيدرالية كنظام حكم لا غبار عليها فدول كثيرة ارتضتها وتبنتها لأنها وجدت أن لها ولبعض من جاورها من الشعوب قواسم مشتركة جعلتها تتقارب وتتوحد في نظام فيدرالي. والفيدرالية كنظام لها من المحاسن الكثير إن طبقت في بيئات تتناسب وطبيعة هذا النوع من البناء السياسي للدولة. ولكن لابد من الإشارة إلا أن هذا النظام ليس وصفة واحدة محددة وليس قالبا واحدا فقد تطبقه دولة بطريقة لا تتماثل مع تطبيق دولة أو دول أخرى له الأمر الذي يفسر تتعدد الرؤى حول ماهية هذا النظام ويفسر أيضا تعدد تعريفاته فمثلا يرى (داير ل.) أن هذا المفهوم تكتنفه الضبابية واللبس لكن رغم تعدد التعاريف لمفهوم الفيدرالية فإنها تتفق من حيث الجوهرفي محددات أساسية وسوف نورد هنا تعريفا يكثر الاستشهاد به في الأبحاث المتخصصة في هذا النظام السياسي حتى نرى إلى أي مدى تتناسب الفيدرالية مع مجتمعنا اليمني. فالفيدرالية (Federalism) كما يراها بعض دهاقنة ومنظري هذا النظام مثل (جين بودلين) و (إلبرت وآلس) و(جميس برايس) وغيرهم تعني: ” إتحاد اختياري بين ولايات أو دول أو شعوب تختلف قوميا أو عرقيا أو ديانة أو لغة أو ثقافة…” فلو طبقنا هذا التعريف على مجتمعنا اليمني من المهرة إلى صعدة لوجدنا أنه لا حاجة لنا بتطبيق نظام الفيدرالية والأقاليم المفدرلة لأننا بحمد الله دولة عربية واحديه الدين والعرق والقومية واللغة فكلنا عرب بل أصل العروبة ومنبعها و جدنا كلنا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب واحد وديننا واحد ولغتنا واحدة بل أنقى أنواع العربية وأقربها إلى الفصحى بشهادة علماء اللغة من مسلمين ونصارى ويهود وثقافتنا بتفريعاتها تخرج من مشكاة واحدة فما يطرب الحضرمي يطرب التعزي والذماري والصنعاني وغيرهم وأشعار المحضار وألحانه متجذرة في أحاسيس ووجدان كل يمني — حضرمي و صعداوي و محويتي و ماربي وشبواني وغيرهم.وذائقتنا الثقافية قديما وحديثا صقلتها قامات سامقة من الشمال والجنوب والشرق والغرب أدبا وشعرا ونقدا وفنا ورقصا أيضا. ففكرنا الأدبي الحديث والمعاصر شكله عمالقة أمثال الأستاذ محمد علي لقمان رئيس تحرير صحيفة (فتاة الجزيرة) التي بدأت سنة 1940 في عدن والشاعر علي محمد لقمان (نزيل عصيفرة كما كان يسمي نفسه بعد النزوح من عدن إلى تعزفي سنواته الأخيرة) والأستاذ الثائر الشاعر محمد محمود الزبيري والدكتور الشاعر والناقد المبدع عبدالعزيز المقالح والشاعر الرومانسي لطفي جعفر أمان والشاعر المبدع عبدلله البردوني والدكتور محمد عبده غانم (الوتر المغمور) المولود في عدن الذي هزه شعر الغناء الصنعاني الحميني قبل الوحدة بعشرات السنين فنفض الغبار عن درر هذا الشعر ورتب قصائده في كتاب نعده من نفائس المراجع في الشعر الحميني الصنعاني المغنى كذا أشرف المبدع جعفر الظفاري على إعداد كتاب مجلة اليمن “سفينة القلائد الحكمية والفرائد الحمينية” الذي ضم بين دفتيه أجمل ما كتبه اليمنيون قديما من شعر حكمي وأفضل ما كتبه المتأخرون من شعر حميني صنعاني. كما ساهم في صقل ذائقتنا الأدبية مبدعون مثل عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول) التعزي الذي ما عرفناه إلا عدنيا والمحضار والأمير الشاعر أحمد فضل العبدلي الملقب باالقمندان و الشاعر والمترجم الرصين الدكتور شهاب غانم وعبده عثمان وغيرهم كثير كثير. ونشأنا على أصوات المبدعين من الفنانين الذين ترجموا قصائد هؤلاء الشعراء إلى ترانيم يمانية ننصت بشجن لتغريدهم كل صباح عبرإذاعتي صنعاء وعدن قبل الوحدة بسنين وهم يشدون بأغان من اللون الحضرمي والتهامي و اللحجي والصنعاني ويحلقون بنا في كل أرجاء الوطن ومن هؤلاء أحمد بن أحمد قاسم ومحمد مرشد ناجي وأبوبكر وفيصل علوي وأيوب وعبدالله عبدالرب إدريس والآنسي ومحمد سعد عبدالله وعطروش والحداد وغيرهم ممن لا يتسع المقام لذكرهم. إذا لم نتفدرل (نتجزأ) ولو تحت مسمى إتحاد¿ لم نصبح بيتين بدلا من بيت واحد حتى وإن كان البيتان داخل سور واحد¿ يا سيدات ويا سادة نحن نركض وراء أنظمة لا تتناسب مع مكوناتنا هربا من الفوضى التي نعيشها في البيت الواحد هربا من طول انتظار تطبيق العدالة والنظام و المساواة بين أفراد البيت الواحد هربا من تجبر وتكبر الأخ على أخيه في البيت الواحد لكن هل تعتقدون أن هذاهروب مبرر¿ إن الخروج في ظل وضع مهترىء للدولة كا

قد يعجبك ايضا