بيئة الاستثمار‮.. ‬هل نحن في‮ ‬حاجة إلى قانون استثمار جديد‮ ‬

أ.د طه أحمد الفسيل

 - تــعد مشكلة الاراضي وحيازتها وحماية ملكيتها المشكلة الاجتماعية والاقتصادية الأهم والاكثر تأثيرا بصورة سلبية على بيئة الاستثمار في اليمن حيث تشير بعض
أ.د طه أحمد الفسيل –
تــعد مشكلة الاراضي وحيازتها وحماية ملكيتها المشكلة الاجتماعية والاقتصادية الأهم والاكثر تأثيرا بصورة سلبية على بيئة الاستثمار في اليمن حيث تشير بعض الدراسات الى أن نزاعات الاراضي وملكيتها تعد من أهم الاسباب لانتشار العنف المسلح في اليمن الفردي أو الأسري أو المجتمعي.بل إن التقديرات لعدد الذين يقتلون في نزاعات الاراضي والنزاعات الأخرى ذات الصلة بها في اليمن تقدر بحوالي أربعة آلاف (4000) شخص سنويا.في الوقت نفسه أصبحت ساحة المحاكم هي الملجأ الرئيسي لإثبات ملكية الاراضي والفصل في النزاعات المتعلقة بها بحيث اصبحت قضاياها تشكل حوالي 50% من عدد القضايا في المحاكم الابتدائية .
ولذلك أصبحت اليمن معروفة وعلى نطاق واسع لدى المستثمرين العرب والأجانب بأن مشكلة الأراضي ونزاعاتها تشكل العائق الأهم الأكبر للاستثمارات الوطنية والاجنبية المباشرة وبالذات في المجالات الانتاجية التي يمكن أن تساهم في تنويع مصادر الدخل القومي للبلاد.
في المقابل لم تتمكن الحكومات السابقة والجهات الرسمية من إيجاد حلول جذرية يتم بموجبها تخصيص أراضي الدولة للأغراض الاستثمارية بل على العكس من ذلك ساهمت بعض الحلول في تفاقم المشكلة وتزايد النزاعات على الاراضي وخاصة في المحافظات الأكثر جاذبية للاستثمارات مثل أمانة العاصمة صنعاء تعز عدن الحديدة المكلا. والمثال الأبرز لذلك قيام الدولة بتوزيع وتخصيص الكثير من الاراضي التي تمتلكها بما في ذلك أراضي الوقف للمشاريع الاستثمارية بهدف تشجيع وجذب الاستثمارات المباشرة المحلية والاجنبية إلا أن اتباع الأساليب العشوائية قد ادى إلى نتائج عكسية كما سبق ذكره.
وتنقسم ملكية الأراضي في اليمن إلى ثلاثة أنواع أساسية من الملكيات, الملكية الخاصة وملكية الدولة وأراضي الوقف. وتشكل الاراضي المملوكة ملكية خاصة الجزء الغالب في المحافظات الشمالية (حوالي 85%) وخاصة في منطقة الاراضي المرتفعة ومنطقة تهامة. في المقابل تشكل الاراضي المملوكة للدولة ما بين 2%-3% فقط من إجمالي الاراضي واراضي الوقف ما بين 12%-13%من اجمالي الاراضي. كما ساهم الغاء التأميم وعودة ملكية الاراضي إلى مالكيها الاصليين بعد قيام الوحدة اليمنية في ارتفاع نسبة الأراضي التي يديرها مالكوها في المناطق الجنوبية إلى 75% من إجمالي الاراضي الزراعية .
وترجع الأسباب الرئيسية لهذه المشكلة إلى عدم وجود سجلات عامة تديرها وتنظيمها الدولة لتسجيل حقوق ملكية الاراضي وتداولها وعملية استخدامها وتأجيرها حيث أن تسجيل حقوق الملكية الاراضي الخاصة يتم غالبا عند القضاة او الأمناء الشرعيين ثم يتم بعد ذلك تعميد وثائق الملكية في المحاكم.ولا يقتصر الأمر على الملكيات الخاصة وإنما يمتد الأمر إلى أراضي الدولة مثل أراضي الوقف التي لا يتوفر لها حتى الآن سجل دقيق وكامل.
كذلك عدم وجود قانون شامل ومتطور منظم لتسجيل ملكية الاراضي وحقوق هذه الملكية حيث يعتبر قانون السجل العقاري الساري رقم 39 الصادر في عام 1991 غير كاف وغير شامل وغير مواكب للأوضاع والتطورات التي شهدها اليمن منذ ذلك التاريخ. ولذلك قامت الهيئة العامة للأراضي بإعداد ثلاثة مشاريع قوانين استنادا إلى دراسة أعدها البنك الدولي في عام 2006, وهي قانون السجل العقاري وقانون اراضي وعقارات الدولة (وذلك بدلا من قانون اراضي وعقارات الدولة الصادر في عام 1995), وقانون التخطيط العمراني, وذلك وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم (13) لسنة 2007م .
وكانت الحكومات السابقة قد أقرت مشروع القانون الجديد للسجل العقاري وتم عرضه منذ سنوات عديدة على مجلس النواب وتمت مناقشة جزء كبير منه من قöبل المجلس لإقراره وفقا للإجراءات الدستورية إلا أنه وحتى يومنا هذا لم يصدر هذا القانون وكذلك الوضع نفسه بالنسبة لمشروع القانون الجديد لأراضي وعقارات الدولة. ويبرر البعض عدم صدور مثل هذه القوانين بسبب قوة ونفوذ كبار ملاك الاراضي والعقارات وهم في الغالب من كبار المشايخ والسياسيين وغيرهم من افراد وجماعات النخب الاجتماعية والسياسية الذين يستغلون نفوذهم الاجتماعي ومواقعهم للاستحواذ على الاراضي وموارد المياه وغيرها من الموارد الاقتصادية الاخرى وبشكل غير قانوني وغير عادل. فمثل هذه النخب تقف بقوة أمام صدور هذه القوانين وكذلك أمام تنفيذ تلك السياسات والإجراءات ذات العلاقة بالإدارة الرشيدة والنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد مثل عمليات تطوير وتحديث القضاء التي تستهدف جعل اجراءات التقـاضي اكثر شفافية ونزاهة وحيادية واكثر قوة خاصة وان هذه النخب تؤدي في الغالب دور المحكمين والوسطاء وفقا ل

قد يعجبك ايضا