القضية الجنوبية .. مؤشرات ايجابية
جمــال الظاهري
جمــال الظاهري –
المداخلات والملاحظات التي ناقشت ماخرج به فريق القضية الجنوبية من محتوى قدم للجنة العامة تعطي مؤشرات تستحق أن نقف أمامها بهدف قراءتها وتحليلها لما لها من الأهمية في استجلاء المشهد الحزبي القادم الذي بدأت تتضح بعض معالمه في الشق السياسي على وجه التحديد.
رئيس فريق القضية الجنوبية المناضل محمد علي احمد في خطابه بدا اكثر وضوحا واكثر تحديدا لجوهر المشكلة ولعواقب التطرف في الطرح غير الواقعي الذي لن يساعد على الخروج بحلول لهذه القضية وكاشفا في نفس الوقت أن ما وصل اليه الفريق من رؤية توافقية وإن لم يلب طموحات الجميع إلا أنه كان افضل ما هو ممكن نظرا للتعقيدات والمحاذير الكثيرة التي تكتنف جذورها وتشخيصها واختلاف قراءات اعضاء الفريق من قبل كل المكونات السياسية الممثلة في فريق عمل القضية الجنوبية.
مكون الحراكيين في فريق القضية الجنوبية بدا أنه يتعرض لضغوط تمارس عليه من قبل من يمثلهم الذين يطالبونهم برفع السقف الى الحد الاقصى الذي لا يمكنهم التمسك به الى النهاية خاصة أن المكونات الاخرى تبدي تفهما لما يطرحونه ويطالبون به وفي نفس الوقت تبدي استعدادها لمساندتهم ولكن في إطار الممكن والمعقول لذا قبلوا بالتوافق الذي لا يغمط حقيقة مظالمهم ويوئسس لتصحيح الاعوجاج ويصوب المسار في المستقبل فكان طرحهم واضحا داخله القليل من التكتيك السياسي الذي ربما يؤشر الى إمكانية تحول مكونهم في المستقبل إلى حزب سياسي.
الحزب الاشتراكي لم يكن بعيدا هو الآخر عن تطورات المشهد السياسي .. فخطابه اليوم لم يعد خطاب الشاكي الذي يدعي البراءة من اخطاء الماضي في محاولة للتململ والفكاك من عبء المسئولية التي يتحملها باعتباره الشريك الموقع على الوحدة وذلك عن طريق الاعتراف بخطئه الاستراتيجي كحزب لأنه لم يكن جاهزا ولا مستعدا لمرحلة ما بعد الوحدة التي لن يكون وضعه فيها كما كان قبلها أي أنه سيتحول من صاحب قرار مطلق إلى شريك في القرار ..
تجلت هذه الرؤية في كلمة الاستاذ أبو اصبع الذي لم يتحرج من الاعتراف باسم حزبه بخطئه الاستراتيجي والاجرائي وفي تقديراته لما بعد الشراكة التي اعتبرها – خطيئة – تثقل كاهل الحزب اقله في الجانب الاخلاقي تجاه أعضائه وفي نفس الوقت لم يرمö بالتبعات كاملة على شريكه في الوحدة هذا التطور في موقف الحزب يحمل إشارات لأنصاره بأنهم قد تعلموا الدرس وأن تعاطيهم المستقبلي سيكون مختلفا وستحكمه استراتيجيات جديدة تكون فيها الخيارات المتعددة هي السمة الرئيسية لتحالفاته مع شركاء العمل السياسي.
أنصار الله عين على الحاضر والآخرى على المستقبل القريب.. يقدم نفسه كمناصر وحليف مستقبلي لمكون الحراك الجنوبي السلمي أكثر من الآخرين ويظهر ذلك بوضوح بصورة غلب عليها الحسابات السياسية المستقبلية والتكتيكات المرحلية التي يأمل منها كسب تعاطفهم وتأييدهم في موضوع قضية صعدة وربما تأسيس تحالف سياسي على المدى المنظور أو في المستقبل القريب.
الحصان الأسود في هذا الاجتماع كان حزب الرشاد الذي يواصل تقدمه في ميدان العمل السياسي فكانت كلمة ممثله عبدالوهاب الحميقاني اكثر تحديدا للمشكلة وأكثر شمولية تختزل المشهد اليمني بوضوح ودون قيود تنظيمية .. يساعده في ذلك خلو مسيرته وبياض صفحة الحزب من اثقال وأوزار المراحل السابقة لذا فإنه يجد نفسه في موقع الناصح والمساعد على تقريب وجهات النظر يقر بالأعباء والمظالم وبوجوب تصحيح الإخطاء ويقدم رؤيته للإصلاح بصورة شاملة لكل اليمن معتبرا من يجزئ المشاكل وكذلك الحلول الفردية المبنية على الخصوصيات المناطقية والتوجهات والايديولوجيات الحزبية على خطأ على أساس أن وزر الماضي واعباء الحاضر هي نتاج لهذه الرؤية الجزئية التي سادت في الأنظمة السابقة.
مقدما طرحه هذا وفق رؤية إسلامية تتسق مع فكره السلفي الذي يرى أن الحكم الاسلامي هو الحل ولكن برؤية معاصرة تعترف بحقيقة الحاجة إلى دولة عصرية يحكمها القانون والعدالة والكفاءة والاستحقاقات العصرية بما لا يخل بالمعتقد أو يطوعه لخدمة فئوية أو حزبية دنيوية بلباس ديني.
اختم بما خلصت إليه من موقف مكون حزب الإصلاح .. الذي بدا مختلفا عما كان عليه أو ما توقعناه .. حيث ظهر عليه بعض التغير والقرب من مواقف الآخرين فهو يعترف بمظلمة الجنوب وبوجوب تعويض المتضررين وبضرورة تقييم الأمور من جديد بما يصحح المسار ولكنه في نفس الوقت يرفض أن يتحمل عبء إخفاقات الماضي طرف بعينه وفق منظور تشطيري أو