حـــجــــــــــــة

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - ترددت كثيرا قبل الخوض في الحديث عن محافظة حجة فأنا قد كتبت كثيرا محذرا ومنذرا بخطر قادم من ذلك البلد ولا يبدو أن الذي نقوله يثير حفيظة أحد ولكنهم لو أنصفوا لو جدوا كثيرا مما
عبدالرحمن مراد –

مقالة

ترددت كثيرا قبل الخوض في الحديث عن محافظة حجة فأنا قد كتبت كثيرا محذرا ومنذرا بخطر قادم من ذلك البلد ولا يبدو أن الذي نقوله يثير حفيظة أحد ولكنهم لو أنصفوا لو جدوا كثيرا مما كنا نذهب إليه من قول تشهد حجة الآن بداياته التفاعلية الأولى.
القضية التي نؤمن بها وتشغل بالنا في قضية وطن لا قضية جماعات وأفراد وأحزاب حتى يتفاعل معها ذلك البعض من ذلك الكل ولو كانت قضية جماعة أو أفراد أو حزب لوجدت آذانا صاغية وولكنها قضية كلية لا ترى فيها الجماعات والأفراد والأحزاب إلا قضية وجودية محضة أو قضية مكايدة حزبية أو سياسية أو قضية ظهور للجماعات وفي مثل هذا المقام أتذكر أنني كتبت في إحدى المرات قبل زمن ليس بالطوايل مقالا بعنوان “حجة .. البلد الآيل للسقوط” ولم يكن حظه من التأمل والتفاعل إلا الانطباع أنه ضرب من الهذيان والجنون والقارئ لجل ما كتبت عن حجة.
وجل ذلك متوفر على شبكة النت – يدرك أن الحكمة في أفواه المجانين والكتاب فماكنا نحذر منه يكاد أن يكون وقع فحجة البلد الأكثر هدوءا بالضرورة ستكون البلد الأكثر ثورة فالحالات القهرية التي يشعر بها أبناؤها طوال أكثر من ثلاثة عقود وسياسة التركيز على الأسرية والانتقاص وفقدان القيمة والإقصاء من الوظيفة العامة تجعل البحث عن المعادلة الوجودية بمعادية القوة هي الأسلوب الأمثل حتى تحقق الذات وجودها وتسجل حضورها وهو ما يحدث الآن في عموم محافظة حجة فالتظاهرات الأسبوعية لا تكاد تتوقف والتفاعلات الثقافية والاجتماعية تأخذ مسارات يلعب فيها العامل التاريخي دورا حيويا وفاعلا وحضور العامل التاريخي بتلك الصيغة التفاعلية سيترك أثرا بينا وواضحا في السياق السياسي للدولة ومثل ذلك لا يبعث خوفا ولا يثير ضغينة والخوف كل الخوف أن يتجدد التاريخ في مشاهدة الدامية المتصادمة لأننا حتى اللحظة الراهنة عجزنا كل العجز عن إحداث الانحراف المطلوب في المساق التاريخي حتى نمنع تكرار مشاهدة الصراعية والدامية ولن يتحقق ذلك إلا بإحداث المتغير الثقافي في المفاهيم والمسارات العامة فالتغيير في البنية الثقافية هو العامل الوحيد في منع تشابه الأحداث وتماثلها ولذلك فالعملية الانتقالية التي تشهدها اليمن إن لم تركز على البنية الثقافية وإحداث المتغير اللازم لها وبما بجد أو يخفف من حدة الصراع والأشتغال عليها في كل الوسائط الحديثة وبحيث تكون جزءا مهما ومفصليا في السياسة العامة للدولة حينها يمكننا الحديث عن حالة انتقالية ذات سمات متغايرة يكون حضور العامل التاريخي بشكل ثانوي وغير مؤثر ومثل ذلك يتطلب جهدا مضاعفا ووقتا حتى نصل إليه لذلك فالذين يتوهمون بامتلاك زمام اللحظة السياسية يشبهون أولئك الذين تركوا مواقعهم الاستراتيجية وشغلتهم الغنيمة في غزوة أحد فالقضية الثورية هي اشتغال دائم وعملية بناء مستمر والذين يتركون مراكز تأثيرهم في عملية البناء وتلهيهم الغنائم عن الاستمرار في البناء المتجرد إنما يعملون جاهدين على تحويل موضوع الانتصار للوطن ولمساره الحضاري والتاريخي إلى هزيمة نكراء تضاف إلى سلسلة الهزائم والانتكاسات التاريخية التي توالت على هذه الرقعة الجغرافية منذ انهيار السد واستمرات في حلقات متتالية إلى هذه اللحظة التي نشهد فيها صراعا لا يكاد يتفق أو يتوافق على بناء الدولة المدينة والحديثة التي تتناغم مع تاريخها وتفاعلها الحضاري المؤثر في الآخر في مسار الزمن.
ولذلك فالقول بفصل كل الاعتمالات والتفاعلات التي تحدث في حجة عن سياقها التاريخي قول لا يتفق مع المنطق السليم والمدرك لقانون التاريخ ومساره العام وحين نتحدث عن مثل ذلك فنحن لا نضرب في الرمل أو نهذي بل ندرك تمام الإدراك أن القيل الحميري الهيصم بن عبدالرحيم قد بدأ يستيقظ في الذاكرة الجمعية الأبناء حجة وبدأ أبن حوشب يستعيد أمجاده وماضيه وبدأت رموز الأئمة الزيدية تعد العدة وتؤمن طريق التمكين لها إلى صنعاء فالشواهد والحقائق الموضوعية ماثلة للعيان ولكننا نكابر في الاعتراف بها أو الاستسلام لشروطها التاريخية الضاغطة.
لا أظن أن ما يحدث في حجة وفي جل نطاقها الجغرافي وصل عند حدود الإدراك للقوى السياسية الفاعلة فهم يتعاملون مع الظواهر العامة بترف ذهني مبالغ فيه ولعلنا قد بلغنا الحجة وحسبنا مثل ذلك حيث وقد تواتر منا إلى درجة شعورنا بالملل منه.

ملحوظة:
في مقال الأسبوع المنصرم أخطاء طباعية أفقدت الموضوع قيمته .. فمعذرة للقارئ الكريم.

قد يعجبك ايضا