الدولة المدنية- والحكم الرشيد!

عبدالملك السلال

عبدالملك السلال –
التوافق الوطني على مقومات الدولة هــو غاية أي حوار بل هو شرط أساسي لأي نظام ديمقراطي وذلك من بين الأنماط المختلفة للنظم السياسية ومن هنا يتم تشبيه أهمية مقومات الدولة بالنسبة للنظام الديمقراطي بالأساس الذي يحمل أي مبنى أو بناية فعند الشروع في بناء مبنى مــا يمكن الاختلاف على كل شئ ماعدا الأساس الذي يقام تحت الأرض.

وفي النظام الديمقراطي لا سقف للخلاف على السياسات والبرامج والمواقف التي يتبناها نظام الحكم لأنها قابلة للتغيير بموجب نتائج الانتخابات00 ومع ذلك تبقى مقومات الدولة الديمقراطية ثابتة إن لم تتطور نحو الأفضل لتفتح آفاقا واسعة أمام التحديث الذي لن يتاتى إلا عبر مسيرة تراكمية من البناء السياسي والديمقراطي السليم القائم تلعب فيه الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وبقية شرائح المجتمع – على اختلاف أشكالها وتوجهاتها الأيديولوجية – دورا أساسيا – يترجم على الواقع ( ألف باء ) العملية الديمقراطية ويعكس جوهرها المضيء والمشرق التي وجدت أصلا من أجله وهــو حكم الشعب نفسه بنفسه لتتناغم وفق هذه القاعدة توجهات الأحزاب والتنظيمات السياسية والمهنية أو العمالية مع برامج الدولة أو الحزب السياسي الحاكم سواء كان – ائتلافيا أو ذا أغلبية مطلقة الذي وصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع الذي اختاره الشعب وصولا إلى الذي يقود في نهاية المطاف إلى ولوج الدولة المدنية تحقيق الغاية المنشودة التي تعتبر من متطلبات العصر الحديث0
والدولة المدنية تنطلق أساسا من:
– الدولة المدنية تعني الحداثة ــ القائمة على مبادئ المساواة المترافقة مع مراعاة الحقوق وتنطلق من قيم أخلاقية في الحكم والسيادة..
– خلق مجتمع عصري تذوب فيه جميع الكيانات في بوتقة واحدة تختفي فيه الفوارق والتمييز والأثنيات 00وهو ما يعد امتدادا لأهداف الثورة اليمنية { سبتمبر وأكتوبر}
– تثبيت مداميك السلم الاجتماعي في كافة أرجاء الوطن اليمني باعتباره الرافعة الأساسية والضمانة الأكيدة لديمومة تقدم عجلة البناء والتقدم وذلك يتطلب في الأساس حظر
ونزع جميع الأسلحة من القبائل والجماعات المسلحة والمليشيات بحيث تكون حصرا في يد الدولة00 لكن بعض شيوخ القبيلة المناهضين للوطن – يفهمون ” الدولة المدنية” في اليمن على أن السلاح يكون في يد المدنيين 0
0 وهنا نلاحظ كيف أنهم قاوموا قانون نزع السلاح داخل المدن طويلا وبكل السبل عندما كانوا جزءا من النظام .
إن تأسيس الدولة المدنية هو الكفيل بسيادة هذه الروح التي تمنع الناس من الاعتداء على بعضهم البعض من خلال تأسيس أجهزة سياسية وقانونية خارجة عن تأثير القوى والنزعات الفردية أو المذهبية تستطيع أن تنظم الحياة العامة وتحمي الملكية الخاصة وتنظم شئون التعاقد وأن تطبق القانون على جميع الناس بصرف النظر عن مكاناتهم وانتماءاتهم وهذا بحد ذاته منظو امام مؤتمر الحوار ليبلور شكل النظام الجديد للدولة الذي ينطوي في اساسة على الحكم الرشيد.
وتمثل الدولة إرادة المجتمع.
يعني ذلك أن فكرة الدولة المدنية تنبع من الاجماع اليمني ومن إرادة الشعب..
وإذ تتأسس الدولة المدنية على هذا النحو فإنها تصبح دولة توصف بأوصاف كثيرة من أولها أنها دولة قانون
فالدولة المدنية تعرف على أنها اتحاد من أفراد يعيشون في مجتمع يخضع لنظام من القوانين مع وجود قضاء يطبق هذه القوانين بإرساء مبادئ العدل. فمن الشروط الأساسية في قيام الدولة المدنية ألا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر. فثمة دائما سلطة عليا ـ هي سلطة الدولة ـ يلجأ إليها الأفراد عندما تنتهك حقوقهم أو تهدد بالانتهاك.

هذه السلطة هي التي تطبق القانون وتحفظ الحقوق لكل الأطراف وتمنع الأطراف من أن يطبقوا أشكال العقاب بأنفسهم. ومن ثم فإنها تجعل من القانون أداة تقف فوق الأفراد جميعا.

ومن خصائص الدولة المدنية أنها تتأسس على نظام مدني من العلاقات التي تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات والثقة في عمليات التعاقد والتبادل المختلفة.
إن هذه القيم هي التي تشكل ما يطلق عليه الثقافة المدنية وهي ثقافة تتأسس على مبدأ الحوار والاتفاق أي وجود حد أدنى من القواعد التي تشكل خطوطا حمراء لا يجب تجاوزها على رأسها احترام القانون (وهو يشكل القواعد المكتوبة). وتأتي بعده قواعد عرفية عديدة غير مكتوبة تشكل بنية الحياة اليومية للناس تحدد لهم صور التبادل القائم على النظام لا الفوضى وعلى السلام لا العنف وعلى العيش المشترك لا العيش الفردي وعلى القيم الإنسانية العامة لا على القيم الفردية أو النزعات المتطرفة.
ومن ثم فإن الدولة المدنية لا تستقيم إلا بشرط ثالث هو المواطنة المتساوية ويتعلق هذا ا

قد يعجبك ايضا