ذكريات رمضانية من إب
اب محمد الرعوي

اب / محمد الرعوي –
يأتي رمضان من كل عام مفعما بالذكريات الجميلة التي لا تزال محفورة في ذاكرة العمر فشهر رمضان الكريم ارتبط بذكريات روحانية جميلة لا تنتهي مع مرور الأيام وتطورات الحياة.
حيث كانت تشهد الأرياف احتفاء بقدوم شهر رمضان طقوسا روحانية واحتفائية ابتهاجا بقدوم هذا الضيف خلافا للمدن المغمورة بصخب العيش وازدحام الحياة.. واسترجاعا للعديد من الذكريات الجميلة والطقوس الروحانية التي كان يشهدها شهر رمضان الكريم رصدت «الثورة» بعضا من تلك الذكريات:
الأخ/عارف عبده محمد سعيد يقول: ارتبط شهر رمضان في قلوب الناس بقدسيته لذا تلاحظ الناس أكثر روحانية في هذا الشهر الفضيل وأنا كوني من أبناء الريف في مديرية السياني فذكريات رمضان الجميلة لا تمحى من الذاكرة كنا ونحن أطفال نستقبل رمضان إلى جانب الكبار بحفاوة بالغة كنا مجاميع من الأطفال نجتمع من الحارات ونذهب نمسي وندق المرافع ونردد الأهازيج وننتقل من بيت إلى بيت آخر لنحصل على الهدايا والنقود والتمر والحلويات بعد العشاء وكنا نردد يا مساء جينا نمسي عندكم يا مساء أسعد الله المساء.
أتذكر أننا كنا نذهب إلى حيث تقام السمرات في الدواوين والمناطق المخصصة للسمر ومدارسه القرآن والشعر وترديد القصائد الصوفية والروحانية في مدح رمضان والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونردد مع الكبار كل ذلك إلى جانب الأذكار والأناشيد.
كان يغلب علينا التصرفات البريئة والشقاوة الطفولية التي لم تعد في أطفالنا اليوم كان بيت جدتي يعتبر مكانا لتجمع الناس وإقامة السمر فيه وكانت جدتي رحمها الله تعمل «قصيص» وهو وعاء فخاري تعمل فيه الشربة البلدي ليتناولها السمار في بيت جدي عند انتهاء السمر وكنا نصعد إلى السقف ونضرب بالمرافع والطبول أو نمشي وسط البيوت والأحياء ونحن ندق الطبول لإيقاظ الناس للسحور .
عموما تختلف الأجواء الروحانية وطبيعة الحياة في رمضان بين الريف والمدينة فالمدينة تشهد الكثير من التعقيدات والصعوبات في ظروف العيش والحياة والمأكولات ومستلزمات رمضان فيما الريف يكون أكثر بساطة وروحانية فمائدة الريف في رمضان معظم مأكولاتها بلدية ومن الزراعة أو مما تنتجه الأسرة (القمح – السمن – اللبن – البيض – الخضار) كل ما تشهده المائدة الرمضانية الريفية.
أهم ما يمكن أن أقوله هنا افتقاد الناس للاجتماع والتقاء الأسر المركبة اجتماع الأسرة في بيت الأب أو الجد أصبحت الحياة باستقلالية تامة كل يعيش لمفرده.
الأخ/عبدالحكيم العطاب – من سكان مدينة إب القديمة قال: رغم أن العيش في كثير من الأرياف لم يعد يختلف كثيرا عن المدينة بحكم التقدم وتوفر الخدمات في معظم الأرياف إلا أن رمضان في الريف يكون ذا طابع خاص ومذاق فريد حيث تجد أن النفس تهوي قضاء رمضان في الريف نتيجة ما يستشعره الفرد من روحانية ربانية رغم البساطة التي تشهدها معظم الأرياف.
فأنا أذكر أننا كنا في رمضان في الريف نقوم بالسمر وقراءة القرآن وترديد الأهازيج والأناشيد المصحوبة بالألعاب احتفاء برمضان واستشعارا لروحانيته بينما لم نعد نجد أي من ذلك في المدينة ربما بسبب التوجه الزائد نحو المدينة أو أن ظروف العيش جعلت من الناس لا يستشعرون طعم الحياة وروحانية رمضان خلافا لبساطة العيش الذي يشهده الريف.
كان الأكل في مائدة رمضان يغلب عليه خصوصا في الريف الأكل من الإنتاج المحلي أو ما تسميه بالبلدي لكن حاليا خصوصا في المدن تنامي الاستهلاك وانشغال الناس في قوت الحياة ومستلزماتها يجعلنا جميعا نشعر بالعبء خصوصا في رمضان نظرا لكثرة حاجياته.
– في مدينة إب القديمة التي أسكنها لا أزال أجد أن بعضا من الطقوس التي تعد نادرة في بعض الأماكن موجودة لدى ساكني إب القديمة ففي أواخر أيام شعبان يكون هناك يوم يسمى يوم «يا نفس ما تشتهي» حيث تقوم بعض الأسر بإعداد الأطعمة المتنوعة وتجتمع الأسر لتناولها كعادة يجسدون فيها توديع أيام الفطر والوجبات والأطعمة – لاستقبال شهر الخير والصيام.
الأخ/يونس نعمان اليماني:
كان الناس يتغنون بقدوم شهر رمضان من قبل شهرين أو ثلاثة خصوصا في الأرياف التي كانت تستقبل رمضان بروحانية مشهودة أكثر منها في المدينة واستقبالا لرمضان كان الأطفال يتجمعون في ساحات القرى وينشدون الأناشيد خصوصا في ساعات النهار حيث كنا ونحن أطفال نشكل حلقا حلقا ونطلق الأناشيد الترحيبية التي يمتزج فيها الفرح والسرور بالكلمات البسيطة المأخوذة من التراث الشعبي القديم ومن تلك الكلمات.
قويت وأرحب يا رمضان : يا شهر محمد عليه السلام
كما كانت تتضمن بعض الأبيات الشعرية من رمضان أن يجود عليهم بالمال كما يجود عليهم بالخير والبركات والنفحات الإيمانية كقولهم:
يا رمضان يا أبو الحماحم: أدي لنا قرعة دراهم!!