لو لا ..الفقر = صفر!!

حمود البخيتي


 - شغلنا نحن المهتمين بالأمور الاقتصادية بتتبع التجارب الناجحة لعل في ذلك ما يبعث قليلا من الحياء في نفوس من يدعون الإنجازات وتحقيقهم بما لم تأت به الأوائل.
حمود البخيتي –

شغلنا نحن المهتمين بالأمور الاقتصادية بتتبع التجارب الناجحة لعل في ذلك ما يبعث قليلا من الحياء في نفوس من يدعون الإنجازات وتحقيقهم بما لم تأت به الأوائل.
الحقيقة أن تلك التجارب الناجحة لعظماء انتشلوا بلدانهم من دائرة الفقر والجهل والبطالة إلى دائطول التي يشار إليها بالبنان.. فبقدر الارتياح لإنجازات هؤلاء بقدر ما يثير ذلك كثيرا من الحنق والبؤس من أولئك الذين يخدعوننا ليلا نهارا بأننا نسير في الاتجاه الصحيح.
كثيرون اليوم يولون وجوههم باتجاه البرازيل بدعوى استلهام التجربة البرازيلية وإمكانية استنساخها أو الاستفادة منها بالذات في دولنا النامية..آخر الذين يمموا وجوههم باتجاه البرازيل الدكتور محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية.. وللأسباب التي ذكرناها بالإضافة إلى سعي مصر للانضمام إلى مجموعة أو تجمع “بريكس”.
والحقيقة أن كثيرا من العرب قد اطربوا مسامعنا بزعمهم استلهام التجارب من الآخرين حتى صبغوا بالزعماء الملهمين والحكماء بالإضافة إلى كثير من الأوصاف التي أطلقها عليهم حملة المباخر..والصحيح أننا لم نجد لا ملهمين ولا حكماء.
ما يهمنا في هذه التناولة أن يعرف القارئ الكريم أن أوضاع البرازيل كانت في انحدار متواصل في كل المجالات فقد تفشت في هذا المجتمع الفقر والبطالة والجريمة.. وارتهن للخارج إلى أن خارت قواه وأصبحت البرازيل دولة فاشلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

المعجزة “لو لا”:
وحتى عام 2002 ماتزال البرازيل غارقة في الديون تحت حكم العسكر..وبعد معاناة شديدة على كل الصعد انبرى لهذا الشعب أحد أبنائه الذي جاء من شظف العيش ووحل الفقر وتخلى والده عنه وعن إخوته السبعة لكن الأم التي هي المدرسة استطاعت رغم فقرها المادي والتعليمي أن تربي أولادا لها انتشلوا البرازيل من براثن الثالوث الرهيب..وقد قال “لولا” عن أمه ” لقد علمتني أمي كيف أمشي مرفوع الرأس وكيف أحترم نفسي حتى يحترمني الآخرون “..وبعد أن خسر الانتخابات ثلاث مرات متتالية 1989 1994 1998م..اختاره الشعب البرازيلي في آخر مسعى منه لإنقاذ ما يمكن انقاذه.. وفاز” لولا دا سلفيا” بمنصب الرئيس عام 2002م.

البرازيل تتغير:
لقد حقق “لو لا” المعجزة لشعبه ويكفي أن نشير طالما أن الاقتصاد هو لغة الأرقام إلى مايلي:
ما فعله “لو لا دي سيلفا” هو برنامج حكومي حقيقي سماه ” الفقر = صفر”
كما أنه تبنى خطة إصلاح اقتصادي حقيقية نعرف مدى نجاحها بمقارنة بسيطة فالبرازيل كانت في عام 2004 مدينة لصندوق النقد الدولي .. وفي عام 2005 تخلصت من جميع ديونها للصندوق وفي عام 2009 أصبحت البرازيل دائنة لصندوق النقد .. بمعنى أنها هي من تقرض الصندوق وليس الصندوق من يقرضها..
وصارت البرازيل الدولة رقم 8 في الاقتصاد العالمي عام 2012 ويتوقع المحللون أن تصل إلى المرتبة الخامسة في الاقتصاد العالمي بحلول 2016م.

8سنوات تكفي:
“لولا” اعيد انتخابه عام 2006م للمرة الثانية وهي الفترة التي يسمح الدستور البرازيلي بها..وعلى الرغم من الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها “لو لا” والتي وصلت إلى 80% لدرجة جعلت الرئيس الأميركي يقول: “لو لا هو الرئيس الأكثر شعبية في العالم».
لقد طالبه الشعب البرازيلي بتعديل الدستور ليتسنى له الترشح للمرة الثالثة.. لكنه لم يفعل وصمم على رأيه وكان تقديره أن فترتين فى قصر الرئاسة تكفيان جدا له ولغيره مهما كان الرئيس عبقريا في أدائه.
ورشح امرأة تخلفه وهي الرئيسة الحالية التي اختيرت نزولا عند ثقة الشعب بـ”لولا”.
الخلاصة:
8 سنوات غير فيها “لو لا” وجه البرازيل.. ونحن ليس لدينا وجها نستحي منه..فيكفينا حملة للمباخر وطول ما عندنا من يصفر العداد أو يخلعه..أو من يقول إن كل شيء على مايرام.. وتمام يافندم عليه أن يطلع على سيرة ومسيرة “لو لا”.

..والله إني لأستحي!!

قد يعجبك ايضا