واحد يقرöط وواحد يصوم.. إلى متى¿

صولان صالح الصولاني

 - هناك من القرى والأرياف المترامية الأطراف التي تقبع في أعالي الجبال وعلى سفوح الهضاب والوديان على امتداد المساحة الجغرافية لوطننا الحبيب لا تزال تنعدم فيها أبسط الخدمات والمشاريع الحيوية الهامة من طرق وكهرباء ومياه و....إلخ
 ومن واقع الحيا
صولان صالح الصولاني –
هناك من القرى والأرياف المترامية الأطراف التي تقبع في أعالي الجبال وعلى سفوح الهضاب والوديان على امتداد المساحة الجغرافية لوطننا الحبيب لا تزال تنعدم فيها أبسط الخدمات والمشاريع الحيوية الهامة من طرق وكهرباء ومياه و….إلخ
ومن واقع الحياة المريرة والصعبة فيها لايتضح للمتأمل سوى التالي: قلة الحظ والحرمان والإهمال والمعاناة تقابلها قلة الدين والضمير واللامبالاة وعدم الإحساس بالمسؤولية من قبل المسؤولين عليها بالمجالس المحلية والنيابية وكأنها تعيش في عزلة تامة عن أنظارهم بل وعن أنظار الدولة وبرامجها وخططها السنوية بشكل عام ولم تحظ بأي اهتمام أو حضور يذكر من قبل الجميع سوى قبل موعد إجراء أي انتخابات ببلادنا بأيام قلائل سواء كانت برلمانية أو محلية حيث يجعل منها المرشحون الطامحون للفوز بعضوية في البرلمان أو بعضوية المجالس المحلية أشبه بمزارات تؤدي فيها طقوس دينية أو ما شابه ذلك كتلك المزارات الدينية الموجودة في الهند مثلا أما من يحق لهم التصويت بالانتخابات وبلغوا السن القانونية من المواطنين بتلك القرى والأرياف البعيدة والنائية فيصبحون في نظر هؤلاء المرشحين الطامحين رموزا دينية بين عشية وضحاها فتراهم يقصدونهم ولا يتردد أي مرشح منهم قط في الذهاب إلى كل فرد ومواطن على حدة ليتودد أمامه من خلال إعطائه جرعة كاملة من الوعود الكاذبة التي سبق ودشن حملته الانتخابية بها ومضمونها تحقيق آمال وأحلام مستقبلية الممكن تحقيقها والمستحيلة ومن ثم أخذ المباركة والتأييد من قبله لكون أخذ المباركة من هؤلاء المواطنين الغلابى فردا فرادا حينها تجلب للمرشح الطامح ولأبنائه وأحفاده من بعده الحظ والسعد أبد الآبدين ولا يهم بالنسبة لهذا المرشح أو ذاك فيما بعد إن جلبت للمواطنين وأفراد أسرهم وقراهم ومناطقهم الريفية المحرومة النحس وقلة الحظ في أخذ ونيل نصيبها من مشاريع الخدمات الضرورية والهامة لأنه بمجرد ما يحالف المرشح الحظ ويفوز بالانتخابات وبرغم تحدره أصلا من إحدى تلك القرى الريفية المحرومة إلا أنه يغادر القرية والمنطقة برمتها بعد الإعلان عن نتيجة فوزه مباشرة ولأجل غير مسمى تاركا «الجمل بما حمل» حسب قول المثل الشعبي ويذهب بكامل أفراد أسرته للسكن بإحدى المدن حيث الخدمات ومتطلبات الحياة وكمالياتها متوفرة بها الأمر الذي يجعله ينسى فيما بعد معاناة ومشقة الحياة في القرى والأرياف وشظف العيش فيها بما في ذلك نسيان الوعود الكثيرة التي كان قد قطعها على نفسه أمام أبناء قريته وعشيرته والقرى والمناطق المجاورة لها قبل الانتخابات والتي مع كل وعد قطعه أمام أفراد كل قرية على حدة كان يكسر «عسيبا» على مرأى ومسمع كنوع من التودد ليخطب نيل المشاعر والأحاسيس فيهم حتى يقفوا إلى جانبه ومن ثم التصويت له في الانتخابات بغية الفوز.
وفي الأخير يصبح حال المرشح الفائز بالانتخابات وحال الديمقراطية في بلادنا بشكل عام على حد قول عمي المتوفى -رحمة الله تغشاه- حينما سأله أحد المرشحين المتنافسين للفوز بعضوية البرلمان عن دائرتنا البرلمانية الريفية قبل موعد إجراء ثاني انتخابات برلمانية ببلادنا بعد الوحدة المباركة يا والد: هل تعرف ما المقصود بالديمقراطية¿ فأجابه عمي المرحوم سريعا وبدون أي تردد يذكر بلكنة المواطن القبلي البسيط وبعفوية تامة بقوله: المقصود بالديمقراطية “واحد يقرط وواحد يصوم” ويقصد بـ”واحد” الأول المسؤول الذي يفوز بالانتخابات ومن حينه يعيش في بحبوحة من العيش الرغيد أما الآخر فيقصد به المواطن الغلبان الذي يمنح المسؤول ثقته وصوته بالانتخابات.

قد يعجبك ايضا