نسيج السماء
حامد الفقيه
حامد الفقيه –
يحنو بخطواته المتثاقلة , ويخيط بها شارعه المنسي من خطو البشر . ينظر إلى الأرض وهي باسمة المحيا بقدوم فرحتها المنشودة يشاطر الأرض فرحتها فنسيج السماء بالنسبة له غذاء روحي يتجرعه في فصل الصيف باستمرار. يعني له كل معاني الحياة الروحية فهو خفة الفراشة ورشاقتها ودأب النحل ونشاطها بل هو موسيقى محببة أثناء جريانه على خدود الأرض .
لحظات متسارعة وإذا الحال يطلق بشرى مولودة وهاهو المخاض .
هبت الزوابع , وتسابقت الرياح وتلبد بالسحاب الفضاء واكفهر وجه السماء .
أبرق البرق وأرعد الرعد فرفع رأسه وأطرق ببصره بل تسامت روحه إلى أعلى ليستمع موسيقاه المحببة .
– يا إلهي كم أنا سعيد , ومحظوظ . وفي لحظة رفع رأسه . غازلته إحدى أنسجة السماء لتضع خيطها الجوهري بأعلى أنفه , فينساب على وجهه وكأنها أصابع أمه تداعب شعره فيسري في جسده دفأ ورعشة لم ير لها شبيها.
أمه التي ما إن كان يأتيه نسيج السماء إلا وجلبت عليه بصوتها ليدخل البيت , وكلمتها تترنم في أذنيه:
-(أستمطر)
فيدخل ولكن يبقى متلهفا فيجلس على الباب.. فلا يرى إلا يدها تجمع تلابيب ثوبه الصغير :
• لا تصيبك صاعقة .
سامحك الله يا أمي … كم من السنين أحرمتني لذة النشوة هذه ¿! .
تتابعت أنسجة الحب بين السماء والأرض , فالسماء لا تبخل على الأرض العاشقة .
الكل يستلم بجسده في زوايا مظلمة . أما هو فقد بقي في حياة الحب الأسمى يمشي وعيناه تنظران تنظر إلى الأعلى , روحه تضحك بتسام , وأذنه تصغي لموسيقى الحب الخالد المستديم جسده النحيل تغسله دموع السماء من درن العام( 2007 للميلاد ) ليدخل عامه الضيف وهو نقي الروح والجسد .
اصبر أيها الجسد الغض فإن غيرك في درنه يرزح , ويتابع المسير في تتابع استنشاق الهواء الرطب .
لا أحد في الشارع , ولا ناظر من شباك , غير نفحة تنعش الروح وموسيقى تريح البال وقطرات تغسل الألم وقدمان تجدفان السيل المنجرف في تقاطعات الشارع .
يا إلهي !! إنها النسمة التي يحبها دوما , فقد اشتاقت هي لنسيج السماء فاستعجلت الخروج , لكنها أضعف حالا منه .. كانت القطرات تسقطها أرضا فتصعد أسرع نحوها , وأسرعت هي نحوه تسامت صعودا بجناحيها الرشيقين لتضع أناملها على عنقه وتمسكه بحنان ورعشة.
إنها رفيقته الفراشة البنفسجية. ظلت واقفة وكأنها تحتمي بعنقه وهو يزداد سعادة فقد أضيف إلى رصيد سعادته صديقة عمر .
لحظات وانكف الحب المتبادل بين السماء والأرض فعمت الأرض النشوة والنسيم العبق.
الفراشة تبتسم له , وتطير مرفرفة فوق جمال الأرض , وهو يلاحقها بخفة وفرح وينشدان : (أنت روحنا النشوى …. يا نسيج السماء) .
