مقارنات الغريب والعجيب

خالد الصعفاني


 - بين أكوام العجيب في بلادنا نجد أن السيدات في اليمن يتنافسن مع السياسيين في "ماراثون" خاص , هن يسرعن في " الولاد " ولا بأس من تقبل لقب " أرنبة " في الطريق , وهم يلدون لنا
خالد الصعفاني –

بين أكوام العجيب في بلادنا نجد أن السيدات في اليمن يتنافسن مع السياسيين في “ماراثون” خاص , هن يسرعن في ” الولاد ” ولا بأس من تقبل لقب ” أرنبة ” في الطريق , وهم يلدون لنا أحزابا سياسية , ويبقى الفارق في أن الأوليات منضبطات بحدود العام بين كل ميلاد وآخر في حين أن الأخيرين ينجزون حمله وفصاله في أسابيع وربما أشهر معدودة ..

أصبح بلد مثل كينيا يصدر (أناناس محترم) , وفي سوقنا صلصة طماطم بواكت مصدرها جزر العذراء الانجليزية , كما أن الصين أصبحت تصنع كل شيء تقريبا من الألعاب إلى “الجمبية” إلى “المترات ” إلى البكارة الاصطناعية , وهناك في غرب أوروبا برزت اسبانيا في صناعة البن البرازيلي والزيتون المغاربي , وها هي إسرائيل بعد تفوقها التكنولوجي الهائل تفتح باب الاستكشاف الغازي في البحر الأبيض المتوسط ..
نحن في اليمن لم نقدم أنفسنا حتى في تقديم “القات” و”الشمة” داخليا بطريقة توحي بالنظافة وتعكس تقديرا من أي نوع لصاحب هذا المزاج أو ذاك .. انسوا أننا قبل أكثر من قرن كنا نصدر البن للعالم حين كان يغادر الميناء ” المخا ” ويعود باسم ” موكا ” .. حتى الملح وهو من أكثر السلع التي نصدرها لا يصل إلينا معززا مكرما كما يجب وكأننا اكتفينا بذلك ” القرطاس ” البائس عما هو أفضل منه ..
أتذكر القاسم المشترك بين عديد البلدان التي زرتها فوجدته احترام الإنسان .. يعني المواطن عندهم ” الرقم واحد” .. حكومات تعرف أن مهمتها خدمة هذا الوطن وهذا المواطن .. عندنا الأمر معكوس تماما وبينما تجد هناك حكومات تعيش لأجل الإنسان لدينا دولة وسكان يعيشون من أجل المئات الذين يقبعون على المناصب ..
وذات مقابلة تحسر الكاتب العربي الكبير محمد حسنين هيكل عن مصر اليوم بعد أن كانت قبل عقود تجر العربة الإفريقية فدعمت الثورات وساعدت الدويلات الناشئة .. تحسر كيف تفوق الطالب بعد ذلك وخاب الأستاذ .. نحن في اليمن علينا التحسر على كليهما الطالب والأستاذ ..
عشرون مليار ساعة نمضغها نحن اليمنيون مع القات كل عام وفقا لمراكز إحصاء وتقدير معنية , ومع ذلك فمسئولونا بتلفونات مغلقة او محولة معظم الوقت والعنوان البارز ” مشغول ” ب ” لاشيء ” .. أم الحضور للفعاليات فهم آخر من يأتي وأول من يغادر وربما تأجلت الفعالية برمتها إذا لم تمكن صاحبنا من الحضور وفي أحسن الظروف يحدد موعدها مسبقا باليوم الذي يختاره المسئول ليكون ” فاضيا ” للحضور .. وإذا ما حضر فاسألوا عنه وعما قاله وستجدون ما يسركم..!
وبمناسبة الحديث عن المسئول اليمني فأنت تجده يسافر أكثر مما يمكث , ويسمع أكثر مما يقرأ , وينام أكثر مما يصحو , ويأكلون الفلوس أكثر بكثير من إنتاجهم لها , ويضحكون علينا وعلى أنفسهم أكثر مما يتأملون في خيبتهم وخيبتنا معا ..
عندنا أكثر عدد من المؤتمرات والندوات , وجرائد بعدد “الباصات” التي فاقت أعداد الناس , وسكان عاصمة تجاوزوا قدرة مدينة صغيرة على استيعاب ربعهم , كما أن لدينا لجانا بعدد الحصى وقرارات كثيرة تتطاير كتطاير الغبار على الصفا .. ولدينا أحزاب أكثر مما لدى بريطانيا “أم الديمقراطيات” , وسيدات جعلننا أكثر نفرا وأضعف نفيرا ..
أخيرا :
هل رأيتم أعجب مما سبق وأغرب مما سلف ذكره .. كنا حكماء فأصبحنا جهلاء , وبعد أن كنا فقهاء لم نعد كيفية الالتقاء على كلمة سواء .. وتحول بعضنا إلى خبراء في جلب الدبور ولو على الجميع .. ولذلك تأخرنا عن إثيوبيا في الزراعة – حتى في القات – وتقدمت علينا الأردن بصناعتها العلاجية وأصبح بلد مثل الأكوادور يصدر الموز لأوروبا في حين يتلف محصولنا من الفاكهة بفضل ترك المزارعين يصارعون الموت البطيء للفاكهة اليمنية التي لا مثيل لها.

قد يعجبك ايضا