مقارنات في الذوق العام..!!

عبدالله الصعفاني

مقالة


 - في الغالب الأعم لا أحد في البلدان المتخلفة ثقافيا يحب النظام .. ولا اقصد هنا بالنظام من يحكم فهذه قضية أخرى مكانها شعار (الشعب يريد) .. الذي أقصده هو هذه الأمور المتصلة
عبدالله الصعفاني –

مقالة

في الغالب الأعم لا أحد في البلدان المتخلفة ثقافيا يحب النظام .. ولا اقصد هنا بالنظام من يحكم فهذه قضية أخرى مكانها شعار (الشعب يريد) .. الذي أقصده هو هذه الأمور المتصلة بالذوق العام .. بالانضباط في الشارع .. باحترام القواعد المنظمة للحياة .. والاقتناع بأن تطبيق الشخص للقانون يزيده رفعة وآدمية ..
> في دولة الامارات العربية المتحدة تم إيقاف المئات من المخالفين لقواعد المرور جاءوا إلى هذه الدولة من دولة خليجية أخرى حيث لم يرق لأمزجتهم أن يتحركوا بسياراتهم وفق السرعة المحددة فلجأوا إلى تغطية بعض الأرقام في اللوحات المعدنية حتى إذا صورت الكاميرا السيارات المتجاوزة للسرعة لم تجد ما يدل على هوية قائد السيارة المخالفة ..
> وقرأت في خبر من السعودية أن هناك من يقوم بالاعتداء على الكاميرات المخصصة لتسجيل سرعة السيارات التي تنهب الشوارع .. أما عندنا فإن إشارات المرور لم تعد تعمل في شوارع العاصمة ربما لسبب إضافي يتصل بالكهرباء وانقطاعاتها خاصة عندما يكون سبب الانقطاع خروج محطة مارب الغازية عن العمل على أيدي خبطات خارجين على القانون دأبوا على أن يكون في القطع فسحة للضغط والابتزاز الذي جربوه فنفع معهم وعندما لم ينفع لم يلحق بهم الضرر.
> ولم يكن لضبط الأجهزة الأمنية أشخاص قاموا بالعبث بلمبات الإشارات الضوئية ما يمكن إدخاله في حكم المفاجآت بعدما تعرض له الشارع الشرقي الموازي لشارع مطار صنعاء وأعمدته الكهربائية من سرقة قطع حساسة.. ربما لا يعرف من قام بالسرقة أهميتها وانتزعها قبل أن تدخل هذه الأعمدة خدمة إضاءة مؤجلة إلى حين ميسرة.
> ورغم أنني لا أتوقع من ذاكرتي ما هو خارق فكيف بما هو فردي وعادي ما يزال إرشيف الذاكرة الضعيفة يحتفظ بمشهد فتاة صغيرة في عمر الورد وهي في إحدى المدن الفنلندية الهادئة تتوقف إنتظارا لانطلاق إشارة المشاه حتى تعبر.
> كان الوقت مبكرا ولم يكن في المنطقة من السيارات ما يجبر الفتاة على الإنتظار.. لكنها توقفت كالمسمار انتظارا لمجيئ حقها القانوني في قطع الشارع الفنلندي للمدينة الهادئة.
> ويتذكر من شاركني النظر إلى المشهد الانضباطي البديع كيف كنا حينها ونحن في دقائق رياضه باتجاه الحديقة القريبة من فندق الإقامة نتقافز من مكان إلى آخر وكأننا في حالة نمثل فيها أوضاع القرود وهي تتشاكل وتعبث بحصاد وأمن فلاح بسيط يذرع الجبل صعودا وهبوطا بين بيته ومدرجه الزراعي.
> ولأن الشيء بالشيء يذكر أحتفظ من تلك الرحلة ضمن أحد المرافقين لمنتخب الأمل الذي سجل حينها بيضة الديك للرياضة اليمنية ووصل إلى نهائيات كأس العالم للناشئين.. احتفظ بحكاية مماثلة لحكاية الفتاة الفنلندية ولكن في زاوية أخرى من زوايا الأمانة والتشبع بالصدق رغم أنهم ليسوا اصحاب نبينا الكريم “ص” الذي حثنا على الأمانة ونصحنا بعدم الفجور الذي يهدي إلى النار.. و.. لا يكون المؤمن كذابا..
> في اليوم السابق على عودتنا إلى اليمن كنا تائهين في حضرة السوق ننبش في الأكوات والبنطلونات وخلافهما بحثا عن ما طابت شياكته ورخص ثمنه..
ولقد إشتريت يومها «جاكت».. وفي الفندق أعجب زملاء طلبوا أن أرافقهم إلى المحل وكانت المفاجأة أن البائع أخذ على نفس الجاكت سعرا أقل من الذي أخذه في البارحة.. هكذا من تلقاء نفسه.
أما ما هي الحكاية فالرجل لم يكن يبيع بسعرين ولا يقسم الناس إلى حاذقين وأغبياء وإنما صادف أن ذلك اليوم هو موعد للتنزيل الحقيقي وليس الوهمي كما يحدث عندنا وسائر بلدان شقيقة يتصنع الباعة فيها الوقار والأمانة.. بل ويطلقون اللحي ويحفون الشارب ثم يتفانون في سحب «العدة» من المشتري ما لم يكن من النوع الذي يعتقد بسفه القول الشائع البيع والشراء حرب المؤمنين.. تخيلوا أنها الحرب.. بل والمكيدة..
> وعودة على بدء حيث الإشارة إلى الأبعاد التربوية والنفسية والاجتماعية التي تتجسد في طمس اللوحة الرقمية المعدنية أو الاعتداء على إشارات المرور وسرقة أمور ربما يجهل العابث أهميتها.. فقد قيل في الأساطير الشعبية أنهم سألوا الغراب يوما يا غراب: لماذا تسرق الصابون من النوافذ والأسطح رغم أنك لا تهتم بالاستحمام ولا علاقة لك بالصابون والشامبو¿

فإذا بالغراب يرد بوقاحة: المسألة ببساطة أن الأذى طبعي…!!

قد يعجبك ايضا