تصالح وتسامح يمني عام
عارف الدوش
عارف الدوش –
> السفير الألماني في صنعاء السيد «فيلب» شبه في أكتوبر الماضي الوضع في الجنوب بباص طرد ركابه عام 1994م وظل ابناء الجنوب يلاحقونه فتعبوا من ملاحقته ولم يتمكنوا من اللحاق به فبعد أن أعياهم التعب توقف ابناء الجنوب عن مطاردة الباص وعندما عاد الباص ليحملهم رفضوا الركوب فيه.
> كيف يمكن للقيادت السياسية في الدولة والحكومة والمجتمعية على مستوى منظمات المجتمع المدني وكل المكونات الإجتماعية في اليمن شماله وجنوبه شرقه وغربه أن تعمل بكل جهودها لإقناع أبناء الجنوب بالصعود إلى الباص بعد أن توقف الباص وأصبح بسائق جديد غير سائقه الأول الذي طرد الجنوبيين وأتعبهم بمطاردة الباص.. صحيح اليمنيون كلهم متعبون من مطاردة الباص الذي طرد سائقه السابق الأغلبية الساحقة من ابناء اليمن ولم يترك معه في الباص إلا فئة صغيرة استحوذت على كراسي الباص وتمتعت بالرحلة التي كانت تعتقد أنها ستظل مريحة لها إلى ما لانهاية وسيتم تغيير سائق جديد للباص من نفس الفئة والشلة المتمتعة بالرحلة لكن ابناء اليمن في الجنوب بدءوا منذ عام 2007م بثورة سلمية واقتربوا من الباص وإنزال سائقه وتغييره بسائق آخر وانضم أليهم أبناء اليمن كلهم في 2011م بعد أن مكنتهم الظروف المحيطة بإيقاف الباص وإنزال سائقه عنوة وتغييره بسائق آخر في ثورة شعبية شبابية سلمية قدمت التضحيات وركب موجتها من ركب فكانت متسامحة إلى أقصى الحدود حتى أن كثيرين لم يعودوا يسمونها ثورة وإنما أزمة لعدم انطباق مفهوم الثورة عليها باعتبار إن الثورة تغيير جذري شامل يقلب النظام السابق رأسا على عقب ويجتث قيادته ورموزه ويأتي بالثوار الجدد إلى كراسي الحكم وهذا كان قبل الثورات الشبابية الشعبية أو ما اصطلح على تسميتها «الربيع العربي» التي أصبحت قواها عامة متنوعة وبعضها قبلت في قيادتها أجزاء كبيرة وواسعة من رجالات وقيادات الأنظمة السابقة كما حصل في اليمن وبعضها اكتفت بإزالة رؤوس النظام بالقتل أو الحبس أو الطرد كما حدث في ليبيا ومصر وتونس.
> ولأن الثورة الشبابية السلمية الشعبية اليمنية ليست مفصولة الجذور عن الثورات اليمنية السابقة التي نجحت وفشلت 48 و55 و26 سبتمبر 14 أكتوبر فقد استفادت من دروس الثورات السابقة ولم تطöلú الحرب كما حدث بعد قيام ثورة سبتمبر أو لم يسمح لها بذلك فكانت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية شبيهة «بمؤتمر حرض» وما بعده من مصالحة فاكتفت ثورة سبتمبر بتغيير أسرة حميد الدين واعتبرتها حكما بائدا وعاد ممثلون للعهد البائد في ظل النظام الجمهوري كما كانت الوحدة اليمنية في 22 مايو90 أكبر مصالحة وطنية تم وئدها بحرب صيف 94م المشئومة.
> واليوم نحن امام فرصة تاريخية وضعت اليمن أمام مفترق طرق ممهد ومحروس بمواقف إقليمية ودولية مساندة ولها الكلمة في فرض ما تريد وما تريده لا يتناقض مع مصالحنا ويخدم مصالحها فإذا كانت ثورة سبتمبر قد تناقضت بحكم الظروف الإقليمية مع محيطها الجغرافي مما كان سببا في طول الحرب