التمسك بالمبادئ والقيم طريقنا للوجود السوي
حسن أحمد اللوزي
حسن أحمد اللوزي –
لا شك أن من جملة المستحيلات المعروفة عودة التاريخ إلى الوراء وتراجع الأحداث في سلسلة متوالية عكسية إلى ما قد سلف أيا كانت المحطة التي نقصدها من محطات ذلكم الماضي وإن كانت مشرقة وبالغة الروعة.
ومثل ذلك يقال عندما نحاول أن نستفيد من تجربة حضارية إنسانية ماثلة تعيشها الشعوب والأمم من حولنا ذلك أن لكل تجربة خصائصها ومقوماتها وفي مرحلة تاريخية انتصاراتها ووهداتها وإشراقاتها وظلامها وتقدمها وتخلفها غير أن المتاح فعلا هو التعلم من تجارب الآخرين وإمكانية تجديد محتوى حقيقة الأزمنة المشرقة لا كما كانت وإنما كما يجب أن تكون اليوم إذا استطعنا أن نكون أولا وفرضنا لنا مكانة في الموقع الذي نقف فيه وإذا قصدنا تمثل القيم والمبادئ لنصنع حالة جديدة من حالات الإشراق المتحقق في الحاضر بأن نعيد تجديد إيماننا القوي والمتين بتلك المبادئ والقيم العظيمة التي صنعت ذلكم التاريخ المجيد ومكنت الشعوب والأمم الأخرى من أن تسبقنا إلى الزمن الحضاري المتجدد بعقود لا قöبل لنا باختزالها إلا بصنع المعجزات وبصدق الإيمان والتمسك بتلك المبادئ والقيم والعمل على تجسيدها روحا وفعلا وإثمارا لتكون حقيقة معاشة بمقاييس اليوم كما في معطيات الحضارة الإنسانية القائمة.
فلا نريد أن نضيع عمر الأجيال القائمة في بلادنا والوطن العربي في استحلاب أمجاد الماضي في الكلام وفي استجرار الأحلام!! نريد لأجيال الأمة الراهنة أن تقف على قدميها وأن تمتلك كل عناصر الوجود الحر الكريم وأن تعمل على بناء أمجادها الجديدة في الحاضر والمستقبل وهي أمجاد لن تقوم ولن تكون ندا للحضارة الإنسانية القائمة إذا لم تصبح إيمانا صادقا وفعلا ملتزما بتلك القيم والمبادئ وفي المقدمة منها قيم الحرية والإخاء والمساواة والعدالة الإنسانية وترجمة المثل الراسخة في الحضارة العربية الإسلامية بحيث نستطيع القول بأن أمتنا العربية اليوم قادرة على كتابة تاريخ جديد له صلة بالأصالة ويكون في عمق المعاصرة وبتجسيد الإيمانات الواضحة التي قامت على أساس منها تلكم الحضارة وهي الإيمان بالله وبالإنسان وكرامته وبالحريات الخاصة والعامة وبالعلم والعدالة الاجتماعية باعتبارها المفتاح الجوهري لبناء الحضارة أما السمة العامة فهي ارتباط بنائها بالأخلاق أولا فللحياة وظيفة أخلاقية وللبشر مسؤوليات تتصل بالتزامهم بمكارم الأخلاق وإنما بعث خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام ليتمم مكارم الأخلاق.
وارتباطا بأن الحرية هي هبة الله الأولى للإنسان وتنبني عليها كافة حقوقه بداية من تمتعه بمزايا المجتمع الحر وصفاته الجوهرية التي تقوم على الإخاء والمساواة والتكافل واستهداف العدالة الاجتماعية وبالتالي فإن الفرد المتميز والفرد القوي المقتدر على الصعود في درجات النجاح هو اللبنة الأساسية في تكوين الأسرة وفي بناء المجتمع القوي المتماسك المتضامن في البنية التعددية والمتدافعة فالتعددية كحقيقة في النسيج البشري هي معمل ومفاعل قوة الحركة للأفراد والمؤسسات في الدولة وفي تفاصيل العمل الإبداعي والإنتاجي حتى في الرحاب الواسعة لعبادة الواحد الأحد فالتقوى وإن كانت واحدة ومكانها القلب إلا أن درجاتها تتباين وتختلف في ميزان العمل عند الله سبحانه وتعالى.
لذلك يجب أن يكون لنا أسلوبنا الجديد والمبتكر – أيضا – في تحقيق تلك القيم والمبادئ وفي تجسيد نهج الديمقراطية والممارسة للحريات داخل نطاق الوجود الحر الكريم المنتج والفاعل في حياة المجتمع الذي ننشده والتزام الدولة المدنية التي نتوق إليها وهذا الأمر هو الذي يعطي في الصورة العامة للإنسانية خصائص وقسمات التعدد في الحضارات بل والثقافات الإنسانية وذلك – أيضا – هو ما يعبöر عن روح التفاعل والتنافس الحضاري والثقافي والإبداعي في الحياة الإنسانية على امتداد تفاعلاتها المتحركة على سعة خارطة العالم للانتشار والتمدد الحضاري والثقافي في ما يوصف في بعض الكتابات بالصراع ونفهمه نحن على أنه التعارف والتدافع وهو معنى يتصل بتنمية الحياة وإعمارها والاستخلاف فيها وأسأل نفسي : هل أمكنني تقديم الرؤية القيمة التي يجب أن نتحصن بها¿ وأن نعمل جاهدين في أن نعيش وجودنا في خضم التجسيد لها وفي تفعيل الحريات في حياتنا سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتحت مظلة العدالة الاجتماعية التي هي اليوم جوهر التحدي الإنساني وأخطر ما نتطلع إلى أن يتحقق الإجماع حوله في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
إن التحدي الذي تمليه الحياة على منú يعيشها في كل مرحلة من مراحل ال