لا مجال للتهرب من الحوار الوطني

د عبد الله الفضلي


د/ عبد الله الفضلي –
لقد جرب اليمنيون كل أنواع الحروب ومارسوا كل أنواع الكر والفر كما مارسوا كل أنواع المكر والتلاعب والمماطلة والتسويف, بالإضافة إلى خوض المعارك المختلفة وبكل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة ورغم ذلك لم يحققوا أي نصر أو نتيجة حاسمة وبالتالي تظل الأجواء ملتهبة ومتوترة وتظل الأزمة قائمة فضلا عن عدم وجود الثقة بين الأطراف التي افتعلت الأزمة.فلماذا لا نشتبك بالحوار بدلا من الاشتباك بالأيدي والأسلحة .وطالما جربنا الحروب فيما بيننا مرات ومرات ولم نصل إلى حلول نهائية للمشاكل التي كانت سببا في نشوب الحرب إذا لماذا لا نخوض معارك الحوارات الجادة والمسؤولية والصادقة للخروج من هذا النفق المظلم طالما فشلت الحروب والصراعات في حلها . إن خوض غمار الحوارات بين كل الأطراف المتصارعة على السلطة ينبغي أن تتسم بالإرادة القوية والشجاعة النادرة وكلنا يدرك ويعلم أن عمر الحرب ما صنعت سلاما بين الشعوب بل تصنع خرابا ودمارا سواء في المنشآت العامة أو دمارا في النفوس . هناك من يصطنع حواجز ويضع أسلاكا شائكة ويزرع الألغام أمام انطلاق أي حوار سياسي وطني مسئول ومن هذه الأسلاك والحواجز هو التأجيج والتهجم الإعلامي المتبادل عبر وسائل الإعلام المختلفة بين جميع شركاء العمل السياسي في حكومة الوفاق اليمني.
وهذا خطأ سياسي لأننا بذلك سنعمل على إفشال الحوار ونعمق الأزمة وتتباعد الرؤى وتتباين الأفكار لأن الغرض من الجلوس على طاولة الحوار المفتوح هو أن كل طرف يخرج ما بجعبته من أفكار وآراء وتطلعات وأحلام وتمنيات ثم تناقش وتعدل بما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا للبلاد وليس من اجل الأشخاص . إننا ينبغي أن نتحاور من اجل اليمن لا من اجل الأفراد وأين سيكون موقعهم من الإعراب ,إذا فالحوار هو الحل لإخراج اليمن مما تعانيه من مشكلات وأزمات تتفاقم كل يوم وتعكس نفسها على الوطن والمواطنين فبدون الحوار الجاد والمسئول لن نصل إلى أي حل مهما طال الزمن أو قصر لأن التهرب من الحوار هو تهرب من حل الأزمة اليمنية وإطالة أمدها وبالتالي تفاقمها وتعقدها وصعوبة حلها .
إن اليمن يعيش أزمة سياسية شديدة التعقيد وهذه الأزمة ساهم في صنعها وإخراجها كل الأطراف المتناحرة المعنية بالأزمة والمتصارعة على السلطة , وطالما لم يسقط النظام كما يريد المحتجون , ومن ثم لم يرفع المعتصمون خيامهم كما يريد النظام, وقد مضى وقت طويل على هذا الإصرار إذا فلا مفر ولا مهرب ولا مناص من الجلوس والتفاوض والحوار بين جميع الأطياف السياسية وبإشراف دولي وعربي وذلك للخروج من هذه الأزمة التي طحنت الناس وأحبطت كل آمالهم وأطاحت بكل طموحاتهم. فهل ننتظر حلولا تأتينا من الخارج وتفرض على الجميع الجلوس على طاولة المفاوضات والحوار مرغمين ومذعنين أم ماذا ننتظر . إن الحلول الممكنة للأزمة اليمنية لا تأتي إلا من الداخل اليمني فنحن امة واحدة وشعب واحد ولغتنا واحدة ولهجتنا واحدة وطريقنا واحد فلماذا نختلف ولا نأتلف مع بعضنا .
طالما أن القضية قضيتنا والمشكلة مشكلتنا والأزمة أزمتنا فكيف نستعين بغيرنا ونستدعيهم لحل مشاكلنا في الوقت الذي نحن قادرون على حلها المهم إننا نمتلك إرادتنا ونتخذ قرارنا بأنفسنا .
انظروا إلى المشهد الليبي المؤسف فقد عجز المجلس الانتقالي الليبي في لم شتات الفرقاء الليبيين في الدخول في حوار شامل حيث أنه لا حل للأزمة الليبية إلا من خلال التفاوض والجلوس معا لإيجاد مخرج للأزمة الليبية المعقدة بل أنها سوف تزداد تعقيدا مع مرور الأيام وقد تؤدي إلى نشوب صراعات وحروب أهلية لا يحمد عقباها .
وهكذا نجد أنفسنا جزءا من المشهد الليبي حيث الأحداث متشابهة من خلال التركيبة الاجتماعية والقبلية والولاءات العسكرية وغيرها من المشاهد.ولذلك نحن ندعوكم ونرجوكم أن تتفاوضوا وأن تتحاوروا من اجل اليمن إذا كنتم تحبونها وتنتمون إليها قلبا وعقلا وفكرا .

aafadhli@yahoo.com

قد يعجبك ايضا