العدالة الانتقالية .. ومستقبل اليمن
علي ناجي الرعوي
علي ناجي الرعوي –
قبل أن يخرج اليمن من نفق الأزمات التي تحاصره من الجهات الأربع انطلاقا من الحرب الضروس التى يخوضها الجيش والأمن ضد تنظيم القاعدة الإرهابي ومرورا بالحراك الانفصالي في بعض المحافظات الجنوبية والمواجهات المستمرة بين الحركة الحوثية والجماعات السلفية في شمال الشمال وأجزاء من الغرب.. وانتهاء بالانفلات الأمني وانتشار أعمال التقطع والتخريب لخطوط وأبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز في المنطقة الوسطى.
في هذا الوقت الملبد بغيوم الأزمات والانقسامات والاختلالات الأمنية والانهيارات الاقتصادية وضوضاء الاحتجاجات داخل المؤسسات العامة ينصب اهتمام الحكومة اليمنية في الجدل الدائر حول مشروع (قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية) والذي كان يفترض أن يطرح أولا على مؤتمر الحوار الوطني الذى من المقرر أن تشارك فيه كافة الأطياف والمكونات السياسية والحزبية والاجتماعية من أجل الخروج برؤية توافقية حول مسار (العدالة الانتقالية) وكيفية تطبيقها والفترات الزمنية التى ستشملها ومن أين يمكن المرور لتنفيذ مفاهيم هذه العدالة هل باستنساخ تجارب الآخرين بمافيها التجارب التى تقدم على أنها ناجحة والتي وإن نجحت في جنوب أفريقيا والكونغو والمغرب وبعض بلدان أمريكا اللاتينية فإن هذا النجاح قد لا يتحقق في اليمن باعتبار أن لكل بلد خصوصياته التى يتعين مراعاتها عند الاستئناس بأي تجربة من تجارب الآخرين.
ومالم نفهمه على الأقل حتى هذه اللحظة هو لماذا سارعت الحكومة اليمنية إلى مناقشة مشروع قانون (العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية) فيما لا تزال الآراء في داخلها متباينة حول هذا القانون.. والجدل خارجها بشأنه محتدما على أكثر من صعيد ..
ولأنه لا تفسير مقنعا لهذا الاستعجال فقد كان من الطبيعي أن تنقسم الحكومة على نفسها بشأن الفترة الزمنية التي ينبغي أن يشملها هذا القانون شأنها في ذلك شأن الشارع السياسي الذي يرى فريق منه أن لا حاجة لنبش صراعات الماضي ولذلك فهو يفضل اختزال حيثيات (قانون العدالة الانتقالية) على أحداث الأزمة الأخيرة التي نشبت في اليمن مطلع 2011م فيما يطرح آخرون أن اختزال استحقاقات (العدالة الانتقالية) على هذه الفترة فيه إجحاف كبير بحق من تضرروا من الصراعات بعد قيام الوحدة اليمنية أو أثناء الحقبة الشطرية التى كان أشدها قسوة وعنفا مايعرف بأحداث 13 يناير عام 1986م بمدينة عدن خاصة وأن تلك الأحداث التى جرت في إطار الصراع الذى كان قائما بين أجنحة الحزب الاشتراكي الذى كان حاكما لجنوب اليمن آنذاك قد حصدت أكثر من أحد عشر ألف شخص من السياسيين والمثقفين والأدباء والصحفيين والعلماء والشرائح الاجتماعية الأخرى والذين مايزال مصير معظمهم مجهولا بالنسبة لأسرهم وعائلاتهم التى لاتعلم شيئا حتى اليوم عن المقابر التى دفنوا فيها ناهيك عن أن تلك المذبحة البشعة قد سحبت نفسها على كل الأحداث التى شهدها اليمن الموحد لعوامل كثيرة أهمها .. إغفال المشروع الوحدوي لحق الضحايا في الحصول على التعويض المادي والمعنوي وجبر الضرر الذى أصابهم بكشف حقيقة تلك الأحداث والمتسببين فيها ومن قاموا بارتكابها ومن ثم طلب الصفح منهم وهو إجراء كان لابد منه .. إذا ما أريد إغلاق هذا الملف نهائيا ومعالجة ندوبه الغائرة في الجسد اليمني..
ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل إن هناك من يعتقد بأن أهمية (قانون العدالة الانتقالية ) تكمن في شمولي