المحاكمة



أحمد عبدالله الشاوش
‬كما هي‮ ‬عادة الرؤساء والزعماء والملوك والأمراء الذين قذفت بهم الأقدار إلى كراسي‮ »‬الحكم‮« ‬فأدمنوها حتى صار‮ ‬غالبيتهم في‮ ‬المنطقة العربية أسيرا‮ ‬ومكبلا‮ ‬بشهوة‮ »‬كرسي‮ ‬السلطة‮« ‬وزاد ذلك اعتقادا‮ ‬أن الشعوب صارت عبيدا‮ ‬لهم‮ ‬والثروات أملاكا‮ ‬لهم والبحار أماكن صيدهم‮ ‬والتعذيب هواياتهم‮ ‬والجزر منتجعاتهم والحروب تجارتهم الرابحة‮ ‬والفقر والبطالة وسوء الإدارة وبقاء الاقتصاد هشا‮ ‬سياستهم والتفسخ الأخلاقي‮ ‬والتلاعب بالدساتير والقوانين والقبضة الحديدية ونشر الفرقة والبعد عن التسامح‮ ‬كل ذلك جعل الشعوب العربية تضرب أخماسا‮ ‬بأسداس وتبحث عن لقمة العيش والأمن والاستقرار أولا‮ ‬وأخيرا‮ ‬مقابل استئثار هؤلاء بالسلطة ووفق هذه الاستراتيجية الملعونة‮ ‬تم الخضوع باستثناء جزئي‮ ‬لبعض دول النفط التي‮ ‬خصصت منتجاتها من النفط للبناء والهدم وحماية السلطان مع احتفاظ العم سام بنصيب الأسد‮!!‬
‮> ‬وها هي‮ ‬الأيام تثبت أن قيادات التسلط الجاهلة من أبناء جلدتنا تخر صريعة واحدة تلو الأخرى موتا‮ ‬أو قتلا‮ ‬أو فرارا‮ ‬أو سجنا‮ ‬مدى الحياة بحكم قضائي‮ ‬ويسدل الستار بنهاية مأساوية نتيجة مرض‮ »‬الأنا‮« ‬والبطانة السيئة‮ ‬فبعد أن ضاقت الشعوب وتضررت جوعا‮ ‬ورعبا‮ ‬هبت إلى ميادين الثورة في‮ ‬معظم الأقطار العربية انتقاما‮ ‬وتصحيحا‮ ‬للمسار رغم ما شاب هذه الثورات من أخطاء وتجاوزات وتشويه‮ ‬أو وفقا‮ ‬للتعبئة الثورية الشديدة الانفجار نتيجة للظلم بقصد وبدون قصد‮ ‬وأحيانا‮ ‬لتصفية حسابات سياسية قديمة ومحاكمة الأنظمة الحاكمة إفشال هذه الثورات‮ ‬إضافة إلى العامل الخارجي‮ ‬السيئ إقليميا‮ ‬ودوليا‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يهمه إلا‮ ‬اللعب على كل الحبال وفقا‮ ‬لمصالحه حتى لو أدى ذلك إلى حرب أهلية أو احتراق الوطن العربي‮ ‬ومع ذلك تظل دول النفط‮ ‬غير آمنة وغير بعيدة عن شرر هذه الثورات وامتداد اللهب إليها كونها أقرب من حبل الوريد وأضعف من بيوت العنكبوت في‮ ‬لعبة الأمم‮ ‬غير الأخلاقية‮ ‬فعدم إثارة دول الجوار أيا‮ ‬كانت الوسيلة إعلامية أو‮ ‬غير إعلامية وعدم التحريض ضد الآخرين هو بداية أمنها واستقرارها وسلامتها‮.‬
‮> ‬محاكمة القرن للرئيس السابق محمد حسني‮ ‬مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي‮ ‬يوم السبت الماضي‮ ‬كانت بمثابة صاعقة ومشهدا‮ ‬مروعا‮ ‬للرئيس وأبنائه ومحبيه‮ ‬وللزعماء والملوك العرب‮ ‬وانتصارا‮ ‬للشهداء الذين قتلوا على أيادي‮ ‬رجال القبضة الأمنية الحديدية‮ ‬فالمشهد مروع ومحزن بكل ما تحمله الكلمة‮ ‬وبقدر الصعود‮ ‬يكون الهبوط‮ ‬فحلت محل الصورة الأولى لمبارك أيام عزه وجبروته وعنفوانه صورة مهتزة مكسورة الأجناح‮ ‬وصار موكب الرئيس إلى المحكمة‮ ‬غير موكبه إلى واشنطن والسعودية والقدس‮ ‬وغابت مظاهر الزعامة والتصفيق بعد أن كان في‮ ‬قمة السلطة‮ ‬وانتصر الشعب المصري‮ ‬بعد أن حكمت المحكمة عليه ووزير داخليته بالسجن مدى الحياة‮ ‬رغم الاعتراض للبعض والمطالبة بالقصاص‮ ‬وترحيب البعض بالحكم وامتعاض آخرين‮ ‬فسبحان الذي‮ ‬يعز من‮ ‬يشاء ويذل من‮ ‬يشاء وينزع الملك ممن‮ ‬يشاء‮.. ‬فهل نعتبر¿‮!‬

Shawish 22@Gmail.com

قد يعجبك ايضا