الإخوان والتحول السياسي
اسكندر المريسي

مقال
اسكندر المريسي –

مقال
> مفارقة عجيبة بين ماضي جماعة الإخوان المسلمين وحاضرهم الراهن وما كان لتلك المفارقة التي طالما تثير الدهشة والاستغراب أن تكون واقعا عمليا لولا تحولات السياسة ومتغيراتها التي زحزحت القناعات وهزت الايدلوجيات سيما الظرف الراهن ففي الماضي القريب اتهم الزعيم جمال عبدالناصر من قبل جماعة الاخوان بالتقصير الواضح في 5 حزيران يونيو 1967م تاريخ النكسة وأنه أيضا لم يكن بجيشه عند مستوى ما وصفوه بقتال اليهود.
وحين وقع الرئيس محمد أنور السادات معاهدة كامب ديفيد خرج من دائرة الايمان في توصيف الجماعة ودخل دائرة الكفر وانتهى السادات بواقعة المنصة وقال حينها مرشد الجماعة بأن توقيعه الصلح مع اليهود أحد الأسباب التي أدت إلى اغتياله بيد أن ذلك الاستدلال ليس إدانة لجماعة الاخوان المسلمين لأنهم حركة سياسية تخطئ وتصيب مثلها مثل بقية الحركات السياسية بل لا يختلفون عن الأحزاب والتنظيمات اليسارية خاصة عقب وصولهم إلى السلطة أبدوا تأييدا وتمسكا بالمعاهدة التي عارضوها وأدانوا أنور السادات من خلالها لأنهم إذا كانوا فعلا عند مستوى القناعة السابقة فلن يعترفوا بتلك المعاهدة في ظرف تغيرت فيه القناعات فعلا.
وإذا كان عبدالناصر قد فشل في معركة التحرير ضد العدو الصهيوني لأنه في تحليل الاخوان قال بأن المعركة قومية وليست إسلامية وأن فلسطين مسلمة قبل أن تكون عربية فهاهي جماعة الاخوان الآن في مختبر الفعل إزاء القضية الفلسطينية تحديدا ما لم فإنهم بالتأكيد أبعد ما يكونون عن عبدالناصر وليسوا إلا نسخة مقلوبة من السادات وذلك لا يقلل من السادات ولا منهم كحركة سياسية وإنما لا يجب أن تدعي المثالية ولا تدعي الزهد والنقاء على بقية الحركات السياسية لأن واقع التحولات كما سبق الإشارة قد فرض متغيرات أنهت تماما بالأساس الفلسفي والبعد الفكري لتلك الجماعة التي كانت تظهر عداء استثنائيا لليهود وتزعم في وثائقها وأدبياتها السياسية والفكرية أن من الشروط الموجبة لإقامة الخلافة الإسلامية إنهاء الوجود اليهودي في فلسطين المسلمة.
لكن ما نلاحظه عقب التحول السياسي الذي شهدته الجماعة في مركزها الحيوي مصر لم تعد في ذهنها تلك الفلسفة بكل أدبياتها الفكرية والفلسفية إنهاء الوجود اليهودي في فلسطين إنها بالتأكيد أوتوبيا السياسة التي عبر عنها النص القرآني «كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون» صدق الله العظيم.
فتلك الأتوبيا نسخة من الفكر الليبرالي تظهر غير ما تبطن وتقول شيئا وتعمل بنقيضه أي أنها جردت السياسة من كل عوامل الثبات وجعلتها عرضة للتعرية الدائمة ومع ذلك دائما ما تستخدم مسكنات أولية عن الثوابت ولا تدخر جهدا حين تستدعي المواقف لزوم التغطية على حالة التعرية الدائمة لتلك السياسة لم لا والسياسة حمالة أوجه لا تعرف مساحة للثوابت حتى تعتد بها ولا تراعي ما تقوله في تحقيق الحد الأدنى من منظومة المواقف ولا تعرف استقرارا دائما في تعاملاتها ومعنى ذلك أنها ليست السياسة وفق مفهومها العلمي الصحيح وإنما حالة عبثية لخداع وتضليل وعي الناس.