القلم بين الكتابة الورقية والآلة الإلكترونية 1-2

علي أحمد عبده قاسم


علي أحمد عبده قاسم –

< سأتناول هنا الظروف المحيطة بالكاتب سواء كانت مادية كالكتاب القلم والجمهور الحبر الصورة الكتابية من حيث الورق ولونه والمضمون وتحول ذلك إلى لوحة مفاتيح وعالم سريع متواصل.. فإنه لا يخفى على أحد الجهد الذي كان يبذله الكاتب في مراحل سابقة قريبة من جهد مضن يتمثل في البحث عن الكتاب ومحاولة الإلمام بالمعرفة بواسطة جمع الكتب والمراسلة للأعلام والرموز الذين يرى فيهم المريد أو المتابع روادا مؤثرين في التنوير فضلا عن المدة الزمنية التي يستغرقها الكاتب أو المتلقي كي تصل الرسالة ليس هذا فحسب بل ربما أن العنوان الدقيق للمرسل إليه قد يتطلب جهدا ليس باليسير فضلا عن صعوبة المتابعة لكل جديد مما يضطر ذلك المبتدئ بالكتابة أنú يلتقط كل ما يقع تحت يديه حتى يكون مطلعا متابعا لأغلب ما يستجد خاصة أن الكاتب التقليدي كان مهتما بالأسلوب العميق والفكرة والرؤية للقضايا المحيطة به ليكون مدونا خالدا وعلما بارزا.
أما اليوم فإن القلم أستبدل بلوحة المفاتيح وكل ما كان صعبا يتحول إلى شيء قريب عبر شاشة وأقمار ترتبط بالعالم فهل هذه الثورة قللت من منزلة الكتاب والكاتب التقليدي أم إنها أسهمت في تطوير التراكم المعرفي¿ وإضافة للحياة العصرية.
في هذه السطور سأتناول هذه المقارنة بشيء من الاستدلالات من كتاب متعددون وبشكل نقاط.
1- لا يخفى على أحد ما توفر الكتابة الالكترونية من سهولة للكاتب والمتلقي معا وتتمثل في المتابعة للجديد وسهولة النشر وتيسير الرد واكتشاف القراءة للجمهور المتابع وبذلك تحولت الكتابة والقراءة من أوراق وحروف تلامسها الأنامل وتتأثر بها المشاعر إلى كتابة يتلقاها أصناف كثيرون تشكل النسبة المدعية للتواصل الفكري أكثرية وقليلون هم النخبة مما أفضى أن القرص المضغوط السهل يحل الكتاب مكان الكتاب الورقي آليا وليس فكريا بوصف الكتاب الورقي الأصيل كما أظن لا يزال يتربع المكانة الأولى لدى النخب باعتباره منظما مفرزا غير مزدحم لا يشكل إرباكا في المتابعة كما الكتاب الالكتروني الذي يتصف بسياق مترع بالسيلان لكل ما هب ودب وليس منظما وسهلا ومفرزا كالورقي.
ولأن القلم استبدل بلوحة المفاتيح بحروفها المتعددة فإن ذلك تطوير للقلم من ناحية التجاوز للحدود المكانية وربما الزمانية بإيصال العلم إلى نواح مختلفة ومتعددة من بشر المعمورة إلا أن القلم كأداة للتعلم ووسيلة للكتابة والتدوين وترميزا للعلم واختزالا للمعرفة فإنه سيبقى أداة العلم الأولى وحين أقسم الله به في سورة القلم الذي وسمت باسمه إعلاء لشأن العلم والمعرفة وذات القلم فإن الذين يرون لوحة المفاتيح هي القلم الذي تمارس فيه الكتابة وهي الأداة الحديثة لبنات الفكر وتباشيره الأولى ليأتي جديدا معرفيا فإن ذلك انبهار بالجديد الحضاري الذي أتى من القلم أولا لأن القسم في قوله تعالى ن والقلم وما يسطرون إنما هو حفظا للوسيلة الأولى المتمثل بأداة الكتابة واختزالا للعلم بالقلم بوصف العلم مساو للقلم من حيث الوزن ليوازيه بالمعرفة الواسعة باعتباره أداتها الأولى فإن الذين يتعلمون بدايات القراءة والكتابة ورسم حروف الهجاء إنما تأتي بالوسيلة القلم ليمارس العلم بعد ذلك ونحن أمة تراثية تمجد الدين باعتبار السورة الأولى التي نزلت هي اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم وأيضا نحن أمة تأخذ بالتطور المتوازن وليس بالانبهار.
ولا يختلف اثنان أن كل ما يدون اليوم يتم بواسطة لوحة المفاتيح ولكنها تأتي ثانية وليست الأولى لذلك كان القلم مفتاح العلم الأول والمعرفة الأولى والأداة الأولى للاندياحات العلمية بمختلف مجالاتها وما كتب ونسخ وطبع مرة أخرى سواء بلوحة المفاتيح وانتقل للمطابع فإنه يدخل تحت قوله تعالى وما يسطرون دلالة على الاختلاف والتعدد العلمي والفكري الذي هو (علوم) الذي يأتي أولا من القلم الذي هو (العلم) لذلك كانت (ال) في (القلم) هي الجنسية التي تدل أجناس العلوم وتعددها التي تأتي من القلم الذي يدل (العلم) دلالة على أجناس العلوم المختلفة التي تسطر مرارا أخرى بعد أن أنتجها وأبدعها القلم والذي يدل على الله الذي وهب الإنسان العلم لأنه هو (العليم) مبالغة وتعظيما لعلمه تعالى الذي لا يعلم حدوده إلا هو فكيف لنا اليوم أن ندعي أن القلم لم يعد متواجدا¿! بل أصبح جزءا من الماضي كما قرأت بعض ردود من كتاب منبهرين بهذه الوسيلة وهم قلة.
لذلك الملاحظ ثمة تهميش في هذه الوسيلة لسياقات الكتابة الحقيقية فالقلم هو افتراضي قد أستبدل بلوحة والحبر افتراضي استبدل بحروف تكتب على ورقة الكترونية بمعنى أن الكاتب متواجد وغير متواجد والقارئ متواجد وغير متواجد فهو في الطرف الآخر المقابل وكل شيء في هذه الممارسة حقيقية وليست حقيقية مما يفضي إلى

قد يعجبك ايضا